تشييع قيادات عسكرية في المهرة يكشف ثغرات التعامل مع القيادات الحوثية الموقوفة
السياسية - منذ 3 ساعات و 50 دقيقة
ما زالت قضية الهجوم الغادر الذي استهدف قوة الجيش والأمن في مديرية حوف بمحافظة المهرة، شرق اليمن مطلع يوليو الماضي، أثناء توجهها لاستلام القيادي الحوثي البارز محمد الزايدي، تثير موجة واسعة من الغضب والجدل، خاصة بعد الإفراج عنه وعودته إلى صنعاء وسط استقبال رسمي من قبل جماعته.
الحادثة التي وقعت في 7 يوليو الماضي، أسفرت عن سقوط العميد عبدالله محمد زايد، والعقيد يحيى محمد الوشلي، إضافة إلى عدد من الجنود المصابين، أثناء مواجهة كمين مسلح استهدفهم وهم في طريقهم إلى منفذ صرفيت الحدودي، حيث كان الزايدي قد تم توقيفه خلال محاولة فرار بجواز سفر مزور إلى سلطنة عمان.
>> مقتل عقيد وإصابة ضابط في عملية اعتقال قيادي حوثي بارز في المهرة
ورغم دماء الشهداء وتضحياتهم، انتهت القصة في نهاية ذات الشهر بصفقة مشبوهة أفضت إلى الإفراج عن الزايدي، في خطوة وصفها نشطاء بأنها "تنازل عن الحق" وإهانة لدماء العسكريين. حيث ظهر القيادي الحوثي في صنعاء بحفل استقبال كبير من قيادات الجماعة وترديده الصرخة الإيرانية.
الخميس، شهدت محافظة المهرة تشييعًا مهيبًا لجثماني الشهيدين العميد زايد والعقيد الوشلي، بحضور محافظ المهرة محمد علي ياسر، وقيادات عسكرية وأمنية بارزة، وجموع من المواطنين الذين عبّروا عن فخرهم واعتزازهم بمواقفهما الوطنية في الدفاع عن أمن واستقرار المحافظة.
وذكر المركز الإعلامي لمحافظة المهرة، أن الموكب الجنائزي انطلق من ساحة العروض بقيادة محور الغيضة، قبل أن يُوارى جثماناهما الطاهران الثرى في مقبرة الغيضة. وأعرب المحافظ بن ياسر، عن اعتزاز أبناء المهرة جميعاً بالمواقف الوطنية المشرّفة للشهيدين، وما قدّماه من تضحيات جليلة في سبيل الحفاظ على أمن المحافظة واستقرارها.
>> سلطة المهرة عن إفراج القيادي الحوثي الزايدي: حق الدم لا يسقط بالتقادم
غير أن مشهد التشييع دون إي تحرك قانوني أو قضائي ضد مرتكبي هذه الجريمة أثار موجة غضب شعبي في المهرة وباقي المحافظات المحرر. حيث قال الناشط المهري أبو علي غسان إن "القيادي الحوثي ينعم اليوم بالراحة والسكينة في صنعاء، بعد أن استُقبل استقبال الأبطال، بينما قياداتنا العسكرية تُشيَّع إلى مثواها الأخير، في نتيجة لصفقة مشبوهة كان يفترض أن تقود لمحاكمته لا لإطلاق سراحه".
وأضاف الناشط: "هل يعني أن إجراء التشييع ودفن شهداء الواجب انتهت القضية وجرى تمييعها وإغلاقها دون محاسبة". مطالبًا السلطة المحلية بالتوضيح السريع والعاجل بعد فضيحة إطلاق السراح الغامضة دون ضبط إي من منفذي الجريمة والاستهداف الغادر".
>> الزايدي بين الاعتقال والعبور.. رسالة حوثية مشفّرة للقبائل أم تهرّب من الحساب؟
السلطة المحلية في المهرة، وفي بيان سابق على قرار الإفراج، بررت الخطوة بوجود تقارير طبية أكدت حاجة الزايدي للعلاج خارج البلاد بسبب إصابته بمرض في القلب، مشيرة إلى الإبقاء على اثنين من أقربائه كضمانة قانونية حتى استكمال الإجراءات القضائية. وأكد البيان أن كل ما جرى تم ضمن "الإطار القانوني الصرف" ومع مراعاة المعايير الإنسانية، وأن الحق القانوني للدولة في ملاحقة الجناة في قضية مقتل الضباط لا يزال قائمًا.
لكن على أرض الواقع، كان المشهد مختلفًا عن مضمون البيان؛ إذ عاد الزايدي بالفعل إلى صنعاء، حيث جرى استقباله بشكل احتفالي من قبل جماعة الحوثي، ما جعل الكثيرين يرون أن حقوق الشهداء قد ضاعت وأن الجريمة أُغلقت دون تحقيق العدالة الكاملة.
نشطاء قالوا أن قضية الزايدي، وما رافقها من تطورات، فتحت الباب واسعًا أمام تساؤلات حول جدية الالتزام بمسار العدالة في التعامل مع القيادات الحوثية الموقوفة، ومدى قدرة الدولة على فرض سيادتها القانونية وحماية دماء من يضحون في الخطوط الأمامية. وبينما يرى البعض أن الإفراج قد يكون مرتبطًا بحسابات سياسية أو ضغوط إنسانية، يؤكد آخرون أن أي تنازل في هذا الملف يمثل رسالة سلبية للقوات الميدانية ويضعف الثقة في المنظومة الأمنية والقضائية.
>>الزايدي يصل صنعاء بعد إطلاق سراحه من المهرة في صفقة غامضة
>> الحدود والتهريب والولاءات.. مشروع "حوثي- إخواني" لإغراق المهرة بالفوضى