أحمد طه المعبقي
العودة إلى آدميتنا واستعادة كرامتنا المسلوبة
حرب اليمن لم تخضع لقواعد الحرب، ولا حتى للأعراف الإنسانية، بعد أن علقت جميع القوانين الوطنية. فالإنسان كان يذبح كالشاة ويرمي به في السائلة لتأكله الكلاب، دون أن نجد أي تحرك مجتمعي أو حقوقي حتى أقارب الضحايا لم تجرؤ أن تصرخ كنوع من أنواع التعبير عن شدة الألم بفقدان أحد أحبائها.
لذا وجد المواطن نفسه واقعا وسط نيران متقاطعة مميتة وتعرض خلالها لكل أصناف التعذيب، كما وجد نفسه غارقا في الفقر، والجهل بعدما تعطلت كل وسائل الحياة الطبيعية، وماتت الضمائر البشرية وتحول البشر إلى وحوش ينهشون بعضهم بعضا.
بعد سبع سنوات حرب بدأ يظهر بصيص أمل في تشكيل حراك حقوقي ومجتمعي لمناهضة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ووضع حد لاستمرارية انتهاكات حقوق الإنسان، حيث بدأت الأصوات المجتمعية ترتفع من هنا وهناك بغية عودة الإنسان إلى آدميته، واستعادة الكرامة المسلوبة، وإصلاح ما أحدثته الحرب من حالة تشوه داخلي للإنسان، كذلك إصلاح ما دمرته الحرب للبنية التحتية والمنشآت الحيوية.
على أية حال قال لي صديقي محمد قبل 4 سنوات عندما شاهد إحدى جثث الحرب معلقة في أحد شوارع المدينة، لا توجد أبشع من هذه الحرب، مذكرا بأن في تاريخ الصراع السياسي والحروب اليمنية عبر التاريخ، كان المتحاربون يحتفظون بالأعراف الإنسانية الأصلية التي تحمي حق الأسير، وحق المدنيين الذين لم يشاركوا في القتال، بينما هذه الحرب القذرة تجاوزت كل أخلاقيات الحرب، والصراع السياسي، ولم تلتزم بأبسط الأعراف الإنسانية حيث ارتكبت فيها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من قبل المتحاربين دون استثناء.
وأضاف صديقي محمد، قائلا: من الصعب جدا بأن نقبل هؤلاء للعودة للحكم مرة أخرى أو مشاركتهم في سلطة قادمة.
رددت على صديقي محمد: يدرك قادة الحرب كلامك جيدا؟! لذا يعملون على إطالة أمد الحرب ويرفضون أي عملية سلام أو تسوية سياسية تنهي الحرب للأبد، لأن إنهاء الحرب للأبد يتطلب إزاحتهم من رأس السلطة ومن مصدر القرار وإخضاعهم للمساءلة وعدم الإفلات من العقاب بما اقترفوه بحق اليمنيين.