عبدالستار سيف الشميري

عبدالستار سيف الشميري

تابعنى على

المفاضلة بين عار الإخوان ونار الحوثي ونظرية"الصلفعة"

Tuesday 23 March 2021 الساعة 08:45 am

لي صديقان يزيد عمر صداقتنا عن عشرين عاما تقريبا اسمهما واحد فكلاهما أحمد، يجمعنا معا حب اليمن وعشق تعز ومحاولة مساندتها كل منا بطريقته، لا سيما وهي تقف عارية بلا دروع من جيش أو أمن وبلا حياة.

وتجمعنا أيضا حكايات من ضفة الحلم ورائحة تعز التي اخرجنا منها الثلاثة بطرق مختلفة بسبب الإخوان والحوثي أو أحدهما، كما هو شأن كل أبناء تعز.

صديقي أحمد الأول ليس حوثيا ولا اخوانيا ولا حتى شرعية، هو بحسب قانون المتصوفة "الصوفي ابن وقته" له خبرة بدورات الايام وتقلبات الزمان، فقط هو "حاله حال نفسه" بالتعبير اليمني البسيط، وهو من ملاك الأرض، لكنه فضل أن يترك تعز خوفا من الإخوان، وقدر أن منطقة الحوثي أفضل له وأكثر امانا، وهو لا يملك هناك بيتا ولا دكانا.. وهذا الأمر يشعرني بالقهر والخذلان.

 ولي صديق آخر اسمه أحمد أيضا له باع كبير في الاقتصاد والسياسة وينحدر من أسرة لها تاريخ "حنان رنان" يعيش حاليا خارج الوطن، كثيرا ما حدثني عن مخاطر الإخوان وعن غدرهم وأن جماعات الدين تتطابق تماما، لكنه يرى أننا معهم حاليا في معركة واحدة.

ومن باب التكتيك يحاول إقناع نفسه واقناعي بأن الأحكام الأخلاقية على مكونات الشرعية قضية مؤجلة بفعل الحرب التي تقتضي الخلاص من الحوثي أولا كمقدمة للخلاص من الإخوان لاحقا.

وتتلخص رؤيته أنه لا خلاص من الإخوان حتى نستكمل الخلاص من الحوثي، ولا يروقه أنني اخترت طريقا آخر لفضح الجماعتين معا باعتبارهما نعلين يتوجب خلعهما دفعة واحدة من أرض اليمن المقدسة "فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس".

 ورغم أني في بداية الانقلاب الحوثي كنت مع نظرية صديقي أحمد الثاني واستفرغت جهدي عامين كاملين لمقارعة الحوثي حتى رأيت بعيني وأنا في تعز بشاعة الإخوان حين يتمكنون وجرائمهم التي توازي الحوثي، وكنت أول من صرخ وفضح على قاعدة "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم". 

وهذا الصراخ بالنسبة لي ليس مسألة فردانية، بمعنى آخر ليست قضيتي الشخصية إنما قضية مئات الألوف من الرجال والنساء أحاول ان أتصدر لها والدفاع عن مظالمهم واحلامهم المؤجلة في الداخل المغيب أو في مدن الشتات.

ولذلك نحن بحاجة أن نضعف قوتهما معا بسلاحهما معا وأن انتصار أحدهما مشكلة مؤجلة بطاقة أكبر فاعلية واوسع تأثيرا، وأن الشرعية هي المعني من تصفية صفها منهما إذا ارادت النصر والدولة والشرعية.

 ربما صديقي أحمد الثاني يؤمن بنظرية الفواصل بين جدران الموت، لكن بقاء الإخوان بسلاح مكدس لا يستخدم ضد الحوثي هو موت مؤجل للأجيال القادمة والعكس صحيح.

 أحاول جمع واقع الأحمدين كي اخرج برأي متماسك للإجابة على سؤال مهم.. هل الإخوان أخطر من الحوثي ام العكس وما جدوى انتظار المعارك المؤجلة في حسابات العمر الخاص على الاقل؟، لأن الأوطان وإن شاخت تجدد ونحن فقط من يرحل بعد أن نخط سطرا أو فعلا أو نموت ونحن نحاول.

ولعل السؤال الأهم.. هل يقتضي الأمر تأجيل المعركة مع الإخوان ومحاولة التواجد في كل دهاليز الدولة لاضعافهم بحسب صديقي احمد الثاني، أم أن الأمر لا يستحق؟ بدليل أن صديقي أحمد الأول شارد من مدينته تارك بيته وأرضه وارث أبيه وماله بدون ذنب سوى رؤية الحياد وعدم القدرة على العيش في مدينة يحكمها الإخوان وعدم البيعة للمرشد، وربما يخاف أن انتصار الإخوان في الحوبان سيدفعه بالذهاب إلى ذمار، وشر البلية ما يضحك.

في تقديري المتواضع أن الكاتب أو الذي له نافذة في الإعلام عليه مهمات كثيرة، أهمها فضح المجرمين دون النظر إلى من يتبعون ودون تكتيك سياسي وحسابات الربح والخسارة، وعليه أن يكون محاميا شجاعا وأحيانا طبيبا وجراحا وأحيانا عليه أن يمارس "الصلفعة" بمعنى صلفعة القيادات التي تمارس الفساد والإجرام دون تمايز بينها وإلى انتمائها.

 وقديما كان الصفع أحد الحلول والأدوية المعتمدة في كتب الطب كعلاج لأدواءٍ كثيرة، منها داء الفالج، واللقوة، والسكتة، والصدمة من البرد، والزكام الشديد، وفيه أمانٌ من البرص، والبهق، والجذام.. كما تقول كتب الطب القديم.

 كما أنه إذا كان على المواطن العادي الرفض بصوت حكيم أو منخفض أو مراعاة الظروف الخاصة به أمرا مقبولا لكنه غير مقبول من الناشط أو السياسي أو الإعلامي أو المثقف وهذا أقل واجب.

 واجدني أقوم به ويقوم به الكثير غيري، لا سيما عندما تتأكد بنفسك كشاهد عيان أنه لا حرب في تعز إنما حالة أو ظاهرة بتوصيف أدق لتجارة حرب واسترزاق عبر الدم من طرف الجماعتين الحوثي والإخوان، وربما قادم الأيام تكشف لصديقاي الأحمدين ما أقوله بصورة أوضح وأعمق وأدق.