د. صادق القاضي

د. صادق القاضي

تابعنى على

الرئيس هادي.. هل هو ديكتاتور؟!

Tuesday 19 January 2021 الساعة 01:16 pm

بسبب ما يبدو أنها قراراته الانفرادية الذاتية الخاصة الأخيرة.. المتجاوزة للمرجعيات القانونية والدستورية، والاتفاقيات والتوافقات السياسية.. يصف بعضهم "الرئيس هادي" بـ"الديكتاتور".!

هذا المصطلح لا يناسب الرئيس هادي. لأسباب كثيرة منها أن الديكتاتور يمتلك القوة والسيطرة ويحتكر السلطة.. بينما الرئيس هادي لا سلطة ولا سيطرة ولا قرار ولا شخصية ولا حول ولا قوة إلا بالله.!

لو كان هذا الرجل ديكتاتوراً، بالمعنى المعروف، لكان هو المتحكم بمن حوله، بدلاً من العكس، ولكان على رأس دولة يسخرها لبناء مشروعه الخاص.. بدلاً من هذا الكيان المتهالك متعدد الرؤوس، والذي تستحوذ عليه "جماعة الإخوان المسلمين".!

والجيش.. هذا العمود الفقري لأي دولة، والذراع الضاربة لأي ديكتاتور.. كان سيكون موحّداً بيده وحده. على شكل كتلة قوية متماسكة، بدلاً من عشرات الميليشيات والعصابات والمعسكرات المهترئة متشرذمة العقائد والولاءات.!

الديكتاتورية، في هذا المقام، مزية لا يمتلكها الرئيس هادي، وهي عموماً تقتضي مواصفات نفسية وعقلية خاصة، ومواهب سياسية واجتماعية وإدارية.. نادرة.. وهذه المواصفات والمواهب لا تباع في البقالات.

الديكتاتورية بالمناسبة مسألة نسبية، قد تكون سلبية أو إيجابية. فهي بمعيار الدولة الليبرالية الحديثة. كما في سويسرا وهولندا.. مشكلة. بينما قد تكون حلاً بمعيار ما قبل الدولة. كما في الصومال واليمن.

بهذا المعنى، المرتبط تقليدياً بقوة الدولة، ومركزية السلطة، وصلابة الجيش، وأحادية القرار، وصرامة التنفيذ.. لو كان الرئيس هادي ديكتاتوراً، لكان ذلك في صالحه وفي صالح اليمن، ولكان الآن في صنعاء بدلاً من الرياض.!

عندما تسلم الرئاسة. كان الرئيس هادي يحظى بإجماع شعبي داخلي، ودعم إقليمي ودولي، وشرعية ديمقراطية وتوافقية وأممية.. ما جعله أقوى رئيس في تاريخ اليمن.

كان بإمكان شخص آخر، بهذه الإمكانيات الهائلة. إذا أحسن أو أساء استخدامها بذكاء لخدمة مشروعه الخاص، أن يصبح ديكتاتوراً من الطراز الثقيل. بالشكل الذي يحلم أن يكونه الرئيس هادي.!

لكن الرئيس هادي، ومن أول يوم، فرط بهذه الأوراق واحدة بعد الأخرى، وبالذات ما يتعلق منها بالشأن الداخلي، وبالطريقة التي أضعفته وأضعفت الدولة والجيش.. وأنتجت هذا الأراجوز المتشرد.!

وبشكل عملي، قام بإدارة فترته الرئاسية التوافقية الأولى، بطريقة دمرت التوافقات التي كان يمكن أن تعيده إلى الرئاسة ثانية بشكل مقبول. أفضل من فكرة وطريقة التمديد التي كرست التناحرات وأدت إلى الحرب... و... و... وهروبه من البلاد.!

قراراته الأخيرة. خاصةً كونها أتت إثر نزاع طويل عويص. تم حله بتوافقات اتفاقية الرياض.. هي من هذا القبيل. ديكتاتورية.. لكنها لن تؤدي إلى صناعة ديكتاتور، بقدر ما تضر بقوته وشرعيته وسيطرته.. ولا أحد يدري إلى أين ستؤدي هذه المرة..!

أتمنى لو قرأ "الرئيس هادي" هذا المقال، واستوعبه وتأثر به، بالشكل الذي فعله "هارون الرشيد" عندما سمع أغنية:

ليت هنداً أنجزتنا ما تعدْ .. وشفت أنفسنا مما نجِدْ

واستبدت مرةً واحدةً .. إنما العاجز من لا يستبدْ