محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

الجمهورية الثانية.. صحوة مجتمعية ضد "خلافة" الإخوان و"إمامية" الحوثي

Sunday 27 September 2020 الساعة 08:17 am

 هي الجمهورية حارسة أحلام اليمنيين ومبتدأ ولادتهم وخروجهم من الظلمات الإمامية إلى نور الحرية والديمقراطية، وإن كادت في بداياتها الأولى تتعثر، إلا أنها عبرت المنعطفات ولو بحمل ثقيل، وتجاوزت مربع العودة والانتكاسة المجتمعية، وبقيت الصوت الدائم الذي يدوّي في قلوب الناس كلما داهمتهم جوائح الإمامية والكهنوتية. 

الجمهورية وإن كانت مرتبطة بوجود الدولة ومؤسسات مستقلة وحرية وديمقراطية، تهاوت مع صعود الإخوان إلى السلطة، وانتهت مع سيطرة ميليشيا الحوثي على صنعاء والاستيلاء على كل شيء، لكنها رغم ذلك لم تمت في الوعي المجتمعي وفي الوجدان الشعبي، لأن قيمها ومبادئها انغرست وتجذرت وأصبحت الناس ترى أن أي تراجع للجمهورية المرتبطة بالدولة لا يشمله تراجع قيمها في الوعي. 

تنهار دول وتنهض أخرى، وتبقى القيم هي المحرك والدافع الأساسي لأي نهضة، وهذا ما نقرأه في سقوط الدولة اليمنية وانتهاك أقدس مقدسات اليمنيين وعودة الإمامية بأبشع صورها، مع ذلك لن يطول بقاء العودة الإمامية، ولن يستمر الامتهان الإخواني للجمهورية، لأن المجتمع نال درسا قاسياً في أهمية تطبيق مبادئ الجمهورية بعيداً عن الانتهازيات والتغني بها دون عمل أو تحقيق لمبادئها.

يخوض المجتمع اليمني أشرس معاركه ضد أعداء جمهوريته من إمامية أو خلافة إخوانية، يصارع الأفكار التي تنهمر عليه من باب الدين أو الوطنية، ويكافح لأن تبقى قيم الجمهورية السبتمبرية مشتعلة في الوجدان، حتى تتهيأ الظروف وتتغير الموازين ويستطيع الانطلاق القوي لتدعيم الجمهورية وإثبات وجودها على الواقع بكل قوة.

يحاول الإخوان في الشتات مهاجمة الجمهورية من باب حقدهم السياسي على حزب المؤتمر وبقية الأحزاب المناوئة لهم، دون التفريق بين الجمهورية كقيم ومبادئ وبين الأحزاب والتنظيمات السياسية كصورة للديمقراطية التي انتجتها مبادئ الجمهورية، هذا الهجوم من خلفه انتقام لعدم توافق تلك المبادئ مع توجهات الإخوان "الخلافة".

الدفاع عن الجمهورية التي يريد الإخوان تسويقها هي صورة زائفة، لا يوجد تيار سياسي يدافع عنها وهو يقدم خدماته لإنهاء حالة وجودها كدولة من جهة، ومن جهة أخرى إسقاطها من الوعي الشعبي، وإعطاء صورة غير حقيقية عنها بما يمارسونه من فساد ومحسوبية ونهب باسمها، هذا الأمر يصب في خدمة الإمامة التي يمثلها الحوثي بكل ما يحمله من فكر.

يتفق الحوثي والإخوان على الجمهورية، ولكلٍ منطلقه الذي يهاجمها منه، لكن الحوثي من حيث المبدأ هو العدو الأول لها، وهو الامتداد الطبيعي للأئمة والفكر الكهنوتي، بينما الإخوان ينطلقون من زاويتين، الأولى أنهم كانوا يريدون خلافة بغلاف جمهوري، والثانية أنهم يريدونها على هواهم وفي خدمة مصالحهم، وهو ما يفعلونه الآن بها.

اليوم يمكن البناء على الوعي الشعبي بأهمية مبادئ الجمهورية، والصحوة التي يخافها أدعياء الجمهورية من الإخوان، هي نتاج الحرب، ونتاج ما يمارسونه من فساد وإرهاب باسمها، بعد أن تركوها وغادروا البلاد وسلّموها بسلام للإمامية التي تنهش في الجسد اليمني دون رحمة، هذه الصحوة هي بحاجة إلى قيادة حقيقية تمثل طموح وآمال المجتمع، وقادرة على الصعود به نحو واقع حقيقي بعيداً عن خلافة الإخوان وإمامية الحوثي.