محمد عبدالرحمن
أزمة "جباري".. وطنية أم معاناة مع قيح المال القطري؟!
تفتح الحروب أبواب التجارة الواسعة والمتنوعة، وتقف عند كل واحد يمتلك من النفوذ والبهرجة ليحقق له مكاسب، وإن مالت عنه شبراً تحول عنها ومال ذراعاً، هكذا هو عبدالعزيز جباري البارع في التلوّن وحياكة الكلام المنمق على وسائل الإعلام، يرى أنه يجب أن يكون في الصدارة، لكن صدارة المال.
جباري الذي انتفشت روحه في ظل التحالف العربي بقيادة المملكة، وكان أحد أبرز المنظرين للتحالف والشرعية، في اتفاقية استوكهولم وأنا أراه يتحدث إلى إحدى القنوات عن أهمية الاتفاق والانتصار الذي حققته الشرعية عبر هذا الاتفاق، كان أحد رجالات الظل التي ساهمت في إبرامه لأعراض تتعلق بدول مارقة عن التحالف العربي والتي يظهر هذا الرجل اليوم على قنواتها.
لا نستبيح اتهام جباري بالخيانة، ولا نتحدث عنه كرجل يمتلك الحل السحري، وإنما نتحدث عن تطورات مواقفه المتناقضة وجلها لا تخدم قضية الجمهورية ولا الدولة، ولا تساهم في تقديم رؤية واقعية بعيدة عن قوى الصراع الإقليمي في اليمن، لكنه يتخبط وتتجاذبه أمواج السياسة الإقليمة ويجدّف بالأموال والهبات الكبيرة.
الوطنية التي يتنطع بها البعض اليوم ويستخدم بعض الألفاظ السيئة باسمها ضد السعودية والإمارات، هي نفس الوطنية التي كانت تكيل المديح والثناء لكلتا الدولتين، والفارق هو سعر الصرف بالدولار، لأنها منطلقات وطنية زائفة لا تنظر إلى المصلحة العامة والهدف العام من الحرب إلا من زاوية المجد الشخصي وديمومة الأموال المتحركة في حسابات البنوك الخارجية.
قبل أشهر كان يتجول البرلماني جباري الذي أصبح بلا برلمان حقيقي في شبوة ومأرب وحضرموت والمهرة، كان هذا قبل أن يتم توقيع ملحق اتفاق الرياض وتكليف معين بتشكيل حكومة جديدة، كان يعتقد أن هجومه على السعودية سيشفع له لتراضيه وتقدم بأمر لتشكيل الحكومة الجديدة برئاسته لتكون مكافأة لصمته، فأُحبط مسعاه وخاب صمته المؤقت، وها هو يستعر من جديد.
في كل هذه الجلبة التي أثارها جباري، والانتقال من الصف السعودي للعودة نحو الصف القطري، يستفيد الحوثي من هذه العملية الممنهجة، حيث تسعى قطر لإسقاط الشرعية من داخلها عبر رجالاتها المتمترسة داخلها، وتجردها من ثيابها ليستمثر الحوثي عُريّها وكشف سوءتها، كل هذا ولا تبدي السعودية اندهاشها أو امتعاضها مما يحدث.
إذا كان جباري فعلاً ينطلق في هجومه على السعودية والإمارات، فعليه أن يغادر إلى أقرب مكان له في اليمن، ويعود يأخذ بندقيته ويحارب الحوثي ويدافع عن عرضه وشرفه، ولكنه كبرلماني قد يعجز عن خوض المعركة بالبندقية، هنا يجب أن يعود ويخوض مع الناس معركتهم سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، المهم أن يكون بين الناس.
إذا كانت عدن ترفض استقبال جباري كرجل يريد تصحيح مسار المعركة، فليذهب إلى مأرب وينطلق من هناك، وإذا لم يعجبه الوضع في مأرب فأبواب المخا مفتوحة له ومرحبة به، كرجل برلمان وسياسي يريد أن يخوض مع الناس معركتهم واستعادة الدولة، وأعتقد أن المخا لا ترفض من يقدم إليها، لأنها المركز القديم لقلب اليمن والتي تحن إليه ليعود يوماً إليها.