د. عيدروس نصر

د. عيدروس نصر

تابعنى على

هل سيستلم الحوثيون مأرب؟

Friday 19 June 2020 الساعة 09:35 am

منذ أشهر ولدى استلامهم فرضة نهم ومدينة الحزم عاصمة محافظة الجوف وبقية مديرياتها، وفي أحداث لم تستغرق ساعات، قال أحد القادة الحوثيين إننا أجلنا استلام مأرب بناءً على اتفاق مع حزب الإصلاح لاعتبارات إنسانية: وقد سرب بعض الإعلاميين أن هذا التأجيل لتسليم مأرب للحوثيين جاء في إطار صفقة تتضمن عدم خوض الحرب مقابل تسليم الحوثيين نسبة من موارد النفط وبقية العائدات من مأرب، والانتظار حتى تحسم المواجهات في أبين وشبوة، 

خلال أمس وقبل أمس اكتظ الإعلام الإخواني بأخبار تتحدث عن خيانة سعودية لـ"الجيش الوطني" وتركه يقاتل وحيداً ما قد يهدد بسقوط مأرب بيد الحوثيين.


محللون كثر فسروا هذه التسريبات والترويجات على أنها تأتي في إطار تنفيذ المرحلة الثانية (المؤجلة) من مسلسل تسليم كامل مناطق الشمال للحوثيين وانتقال مليشيات الإخوان المسلمين لخوض الحرب في الجنوب، تنفيذاً لتفاهمات إيرانية تركية تقضي بإعادة تقاسم اليمن بين الامبراطوريتين المستقبليتين "الإيرانية، الفارسية" و"التركية ـ العثمانية" بحيث تستكمل إيران السيطرة على الشمال من خلال جماعة اللحوثي المهيمنة على العاصمة ومعظم محافظات الشمال، وتتولى تركيا الهيمنة على الجنوب من خلال فرع حركة الإخوان المسلمين في اليمن الذي تسيطر القوات الموالية له على مساحات واسعة في الجنوب منذ العام 1994م بعد غزو الجنوب وتدمير دولته والقضاء على قواته المسلحة والأمنية.


لا أحد يصدق أن الجيش اليمني (الذي يسمونه بالوطني) بكل قواته وعتادة وأعداده الهائلة وفيالقه المنتشرة في أكثر من 60% من مساحة اليمن، ومعظها، إن لك يكن كلها في الجنوب عاجز عن الدفاع عن آخر مدينة استراتيجية بيد الحكومة (الشرعية) لكن من كان سيصدق أن عاصمة أقرب محافظة إلى مأرب (الجوف) مدينة الحزم ستسقط بغمضة عين في يد مليشيا يقول خصومها إنها ليست مدعومة سوى من 5% من سكان اليمن؟


وهكذا فمثلما سقطت الحزم ومعها كل محافظة الجوف يمكننا أن نتصور أن تسقط معها مأرب العاصمة والمحافظة، لأن السقوط وعدم السقوط في اليمن ليس له مثيلا في العالم، فهو يتم عن طريق الاتفاق بين الساقط والمسقِّط (بتشديد القاف وكسرها).


أما حكاية الخيانة السعودية فليست سوى شماعة يعلق عليها الإخوان وأنصارهم ومواقعهم الإعلامية مبررات فشلهم المتعمد في الدفاع عن مواقعهم، وتسليمها للحوثي، ومن ثم تقديم المبررات الأولية لاستبدال الحليف السعودي بالحليف القادم من هضبة الأناضول.


والسؤال هو هل سيسكت السعوديون عن التفاهمات الإيرانية ـ التركية التي يجري تنفيذها على طول حدودهم الجنوبية؟ 


أما الجنوبيون فردهم على كل هذا قد بدأ في العام 2015م بل منذ العام 1994م ويتجسد اليوم بكل جلاء في كل جبهات المواجهة بدءًا من باب المندب والضالع حتى شقرة وثره والمحفد ونصاب وحبان وبقية نقاط المواجهة الجنوبية مع المشروعين الإيراني والتركي وممثليهما في اليمن.


والعلم عند الله الذي "يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ".


* من صفحة الكاتب على فيس بوك