لا يشك أحد ولا يخلط يقينه شك في أن القيادة الفعلية لتنظيم الإخوان في تعز (الإصلاح) هي قيادة هضبوية بامتياز، ولا يمكن ان يفكر إصلاحي وفي أي مستوى من مستوياته الحزبية، لبعض برهة، في الانعتاق من سوار الجلد المشبوك حول عنقه، وذلك لأنه سيكون قد أخل بالولاء والبراء الذي تربى وأتقن بناءه في نفسه وعقله الباطن منذ الصغر، فالولاء للهضبة هو ولاء للإسلام ولقوة الإسلام ولذخر الإسلام، فلولا القبيلة وعسكرها ما كان لهذا التنظيم أن تقوم له قائمة منذ بداياته حين تلقى محمد محمود الزبيري أولى محاضراته في فيلا ساحل العجمي من قبل قيادات الإخوان والماسونية العالمية ليتسلق على الثورة بعد نجاحها رغم أنه كان ضدها مع تنظيم الإخوان كاملاً، وهذا معلوم يقينا، لأن أحد قيادات هذا التنظيم قد أقر بأنهم كانوا ضد الثورة اليمنية وأجبروا على القبول بها بعد انتصارها (عبدالله أحمد علي) وهذا فعلا ما تم، حيث عاد الزبيري بعد حوالى ثمانية أشهر من قيام الثوره ليتم من قبل أدوات الماسونية تلميعه وليتسلق على الثورة ويصبح أبا لأحرارها.
أضحوكة فعلاً، لأن التاريخ يعيد نفسه تباعاً وبطريقة قمئة، ولهذا فإننا في اليمن مظلومون لا محالة، لأن الرسول الأعظم يقول من تشابهت يوماه فهو مغبون، ما بالكم بتشابه تسلق هؤلاء على ثوراتنا ومقاومتنا حتى أصبحت شبيهة ببعض.
لم يكن لمقتل الزبيري في مناطق القبائل أي رابط بالثورة، فمقتله أتى وهو يقوم بتأليب القبائل باسم الإسلام ضد القوات المصرية تنفيذا لأوامر الجارة الشمالية السعودية التي كانت ووفقا لخطة لورانس العرب ومحمد عبدالوهاب والملك الراحل عبدالعزيز يخططون لحكم الجزيرة العربية بشكل كامل تحت سلطة الملك ونيافة المرشد وهذا ما أحبطته الثورة وجمال عبدالناصر مما جعل العداء للجيش المصري واجبا مقدسا لدى الزبيري وتنظيمه خدمة لأوامر الأسياد وأصحاب الجلالة والنيافة.
تغلغل التنظيم بأوساط القبيلة ودفع بقادتها إلى السيطرة على مقاليد الحكم والجيش بعد أن أفشل النقيب عبدالرقيب عبدالوهاب انقلابهم مع الملكيين مما حدا بهم إلى اتخاذ طرق أخرى للسيطرة والتمكين وذلك بمحاربة كل الضباط الأحرار واغتيالهم لتكن آبار صنعاء التي ما فارقت جثث ضباط تعز يوما بعد التخلص من قائد السبعين وسحله أو تهجيرهم إلى خارج الوطن بدعاوى كثيرة منها الكفر والإلحاد و... و... وخلال هذه الفترة استطاعوا أن يوصلوا الكثير من كوادرهم إلى مناصب عليا ومنها رئيس هيئة الأركان العامة للجيش اليمني وهو المأفون الغشمي الذي كانت المؤامرة الدنيئة لقتل الشهيد المقدم إبراهيم الحمدي في منزله وتحت قيادته وبمشاركة التيار العسقبلي في الدولة الذي كان أحد توابع الملكية في الحجاز ونجد ليتم في تلك اللحظة اغتيال الدولة والجمهورية والمدنية
لم يكن الإخوان ليتوهوا فيما بعد التخلص من الحمدي بل باشروا في التمكين أكثر في أهم مؤسستين للدولة وهما مؤسسة الجيش ومؤسسة التعليم ليكون نجاحهم الأول في إحباط انقلاب الناصريين على نظام علي عبدالله صالح ليستغلوا ذلك في التمدد في الأجهزة الأمنية والمخابراتية والجيش ابتداءً من ضابط التعذيب اليدومي ومرورا بصالح سميع وطابور طويل من المخبرين وسجاني الرأي وقاتلي الأطفال ومحرقي أكواخ الفقراء في المناطق الوسطى وحيدان والوجرة وشرعب وماوية.
ولأن فضل ترسيخ دعائم هذا التنظيم الإرهابي كان للتيار العسقبلي البغيض فإن موروث الولاء للقبيلة أصبح هو السائد ومخالفته تعتبر مخالفة لاركان الايمان بالعقيدة، ولهذا فمن المحرمات المساس بهذه المسلمة أو الاقتراب منها.
وكما أن المتحكم في أمور التنظيم الهضبة هنا داخل محافظة تعز أيضا لهذا التنظيم طريقة أخرى في تقسيم النفوذ فيه كما أن له طريقة غريبة وسرية في إدارة أموره في الداخل وهي مخالفة لظاهر الأمر الذي يصل للمتلقي البسيط وذلك لأن هذا التنظيم ما زال إلى الآن ينتهج العمل السري أكثر من العمل السياسي العلني رغم أنه مسيطر على الأمور الأمنية والعسكرية منذ فترة وهو في نفس الوقت يعمل بتراتبية تنظيمية معقدة ومنها حتى تراتبية المناطق في ممارسة النفوذ داخل هذا التنظيم.
أعتقد بل وأجزم أن الكثير من أبناء تعز يظنون ويؤكدون أن المتحكم في قرارات التنظيم هي مناطق شرعب والمخلاف تحديدا، الا ان المتفحص للامور يرى ان هاتين المنطقتين نالتا من شر التنظيم اكثر مما استفادتا منه، فقد كانتا من اكثر المناطق طاردة لهذا المشروع منذ فجر الجبهة الوطنية مما حدا بهذا التنظيم إلى جعلهما مناطق نازفة للدماء حتى هذه اللحظة وجعل أبنائها في واجهة العمل العسكري باسم التنظيم هو استهداف آخر لهذه المناطق ليكونوا بيادق للتخلص منها ووسمها بالعنف والسرقة واللصوصية، رغم انها من اكبر مناطق اليمن تضحية وثورية، ولعل الشهيد عبود الشرعبي بطل التحرير في الجنوب خير دليل، الا ان هذا التنظيم جعل من بلاد الثورة متهما دائما بالبلطجة واللصوصية والانفلات.. وللعلم فإن المتحكم الفعلي بامور التنظيم في تعز ليست شرعب ولا المخلاف كما اسلفنا وذلك لأن التنظيم استطاع أن يقسم إدارته وفقا للولاء ولنسبة تواجده في تلك المناطق.. ولا تستغرب أخي القارئ ولا تتفاجأ حين أخبرك أن من يحكم التنظيم في تعز هي القيادات الآتية من بني يوسف وسامع وبعض مناطق المواسط، وهي تعمل بشكل سري ولا تحاول ان تتصدر المشهد أبدا، لأنها تعتبر نفسها العقل والفكر وقلب التنظيم بينما من هم في واجهة المشهد لا يتعدون أن يكونوا بيادق بيد هذه القيادات، ذلك ان هذه البيادق لها القدرة ان تجعل من مجتمعاتها أضحية دماً وثقافة وسمعة لصالح التنظيم وهو ما يجعل شرعب والمخلاف مجرد ضحية لا غير..
هذا التنظيم أيضا لا يثق بأعضائه ولا يعطي الثقة المطلقة لاي كان، فهو كما أعطى شرعب والمخلاف الجانب العسكري وسلب عنهم القرار كذلك سلب بني يوسف وسامع حوراء الامكانيات المادية ومصادر الدخل ليعطيها لخدير، وهناك مشاريع ضخمة جدا لهذا التنظيم تدار تحت أسماء من خدير وهي معروفة ولا يمكن أن يجهلها أحد وحتى المليشيا الحوثيه تعلمها وتحميها..
في مثل هكذا أوضاع يعيش هذا التنظيم السري ويمارس علنيته كذبا وزيفا بينما بسرية دناءة التضحية بأبناء مناطق تعز وجعلها مخالف وإقطاعيات يتلذذ فيها بشذوذه لقتل الإنسان التعزي ولخدمة الإرهاب العالمي وتحت مظلة الدولة..