حتماً ستصمت أصوات المدافع، وحتماً سيتقاسم الحكم القوى التي شاركت في قتل اليمنيين وتشريدهم، وحتماً سيعاد فتح المطارات ورفع الحصار، وحتماً سيعود الطلبة إلى مدارسهم والمزارعون إلى حقولهم وسيذهب الموظفون إلى أعمالهم في الصباح وستعود الحياة.
كل هذا سيحدث حين تتوقف الحرب! ولكن حتماً لن تعود البلاد كما تمنيناها ورغبنا بها لأبنائنا وأحفادنا!
المؤكد هو أن اليمن الذي عرفناه لن يعود، لأن القتلة الأوغاد دمروا كل مقومات بقائه، وغبي من يقول إن يمنا افضل سيأتي، وأحمق من يظن ان كل الحتميات التي ذكرتها ستجلب السلم الاجتماعي، وسيعيش اليمنيون ويتعايشون مع أحزانهم وخسرانهم المبين لعقود قادمة. لن تنفعهم مخرجات ذلك الحوار ولن تجدي المبادرة الخليجية ولا قرارات مجلس الامن ولا بيانات المجتمع الدولي والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي.
لماذا؟؟؟؟
لأن الذين عبثوا ونهبوا وقتلوا وأفسدوا ونحروا البلد من الوريد الى الوريد، لا يتنفسون ولا يتنافسون الا بالحرب ومشاهدة الجثث والجرحى والأيتام والأرامل، ومن المثير للحزن انهم استنسخوا جيلا يسبح بحمدهم ويدين لهم بالولاء.
في فبراير 2012 ألقيت محاضرة طويلة في مسقط وكنت قد ادركت ان خللا يتراكم وسيدفع باليمن نحو كارثة، فختمتها قائلا (بعدَ هذا السردِّ لا بُدَّ مِن سؤالٍ: وماذا بعدُ؟
اليمنُ، يسيرُ بسرعةٍ فائقةٍ نحوَ هاويةٍ بِلا قَرارٍ.
هذا ليسَ تشاؤمًا! لكنَّه انعكاسٌ لما يعتملُ على أرضِ الواقعِ.
يتصوَّرُ بعضٌ أنَّ انعقادَ مؤتمرِ "الحوارِ الوطنيِّ"، سيشكِّلُ المخرجَ الآمنَ لكنْ التاريخُ والأحداثُ أثبتْوا على مرِّ العصورِ أنَّ المخرجَ الآمنَ لا يكونُ بالتمنِّي والرغباتِ.
ولا أرى في يمنيَ الحاليِّ، معَ المرارةِ والأسى، ما يزيلُ شكٍّي ويأسي.).
حين قال لي والدي، رحمه الله، في أواخر الثمانينات (اليمن صار مستنقعا لن يجف) ظننته متشائما رغم ان من يتقدم به العمر يكون دومًا متفائلًا، لكنني بعد اكثر من 30 عاما اكتشفت انه أراد ايقاظي من الأوهام وانه يفهم ما لم أدركه ولم استوعبه حينها.
وإلى الذين يمسكون بالسلطة ويتشبثون بها ونراهم اليوم يحاولون التنصل عن مسؤولياتهم الأخلاقية والوطنية باتهام منتقديهم انهم بلا مشروع، اقول لهؤلاء: انتم من يجب ان يقول للناس ما هو مشروعكم؟ وماذا عملتم لتنفيذه؟ ولماذا فشلتم؟ خمس سنوات وانتم تصرخون انكم ستستعيدون الدولة ولكن ما نراه انكم تبتعدون كل يوم عن هذا الهدف الذي نريده جميعا بسبب فسادكم وتراخيكم وهروبكم من المواجهة على الارض، وصارت أقصى جهودكم الخوف والقلق خشية ضياع مصالحكم الخاصة واستجداء البيانات لدعم موقفكم الهزيل.
*من صفحة الكاتب على الفيس بوك