أمين الوائلي
عدن التي آوتنا والإخوان الذين يحرِّضون عليها وعلينا
لطالما لم أصدِّقهم، ولن أصدِّقهم، وأتقرب إلى الله بدعوة وحث خلق الله على تكذيبهم. ليس لأجل شيء أو لسبب آخر سوى أنهم غير صادقين.
أستعيد خلال هذه الأحداث والمعمعة كل خبرة وتجربة 2011. مطابخ الحملات والأكاذيب كالبصمة الخاصة بأصحابها.
قال لي الأستاذ نبيل الصوفي، ونحن نتحدث: كأننا في 2011.
بالفعل؛ ثمة رائحة خاصة ولعينة لأكاذيب الإخوان، وسواءً أكنتَ في صنعاء أم في عدن لا يسعك (ما لم تكن غيرك) أن تقف منها الحياد.
ولو لم أكن في عدن -الآن- لما صدقتهم وهم يحرضون ويبثون الأكاذيب عنها.
هي ظاهرة (ليست إنسانية يقيناً) غريبة من نوعها وربما ليست تندرج تحت أي من الأنواع التي قد تكون مرت بالإنسانية يوماً؛ أن يحرضوا على مدينة وأمنها وعسكرها، حتى يستهدفها ويستهدفهم الإرهاب بتوحُّش. ثم يحرضون ويؤلبون عليها وعليهم أيضاً- على الضحايا لمصلحة الجناة.
قدموا بالتسويق والتحريض والاستدعاءات اليومية لمثل هكذا هجمات.
وأتبعوها بتبييض أيادي وصفحات الفاعلين والاشتغال على إدانة الضحية مدينة ومدنية موجوعة وتنزف بغزارة.
هل يكون، من يفعل كل هذا وكل يوم هكذا، يعمل لاستعادة الشرعية والدولة في صنعاء؟ أم لمساعدة الانقلابيين على استهداف عدن؟
**
وكأنَّ ما حدث وما أحدثه التحريض والإرهاب من هجمات ودماء في عدن، هينٌ أو لا شيء، أمام إلحاح منابر وأبواق حملة التحريض على عدن إلى تكريس المعارك والصراع جنوباً، لتسيل الدماء هكذا، وليتحولوا هم - لا إلى إدانة الإرهاب الذي أوجع قلب عدن، بل إلى التحدث بلغة وبمنطق الحوثي الذي يصادر الشمال ويقتل الشماليين والجنوبيين، فيؤذون عدن في تعايشها وسلميتها وإنسانيتها التي وسعت الفارين بحياتهم من لا إنسانية الكهنوت الذي يخنق صنعاء وأخواتها.
إن كنتم تقولون إنَّ الحوثي يمثلكم حالاً ومقالاً فانزعوا الأقنعة ودعونا نراكم كما أنتم. ولكن أيضاً، لا أنتم ولا الحوثي في الحالتين تمثلون الشمال، إلا بما اقترفتم وحرضتم وتحرضون ضد الشماليين، في النتيجة، بالتحريض اللعين ضد عدن.
أنتم من يؤذي الشماليين في عدن، ومن يفوض الحوثي لأذية واستباحة الشمال واستهداف الجنوب. وأنتم من حرف ويحرف القضية والغاية والمعركة كلها ضد عدن والجنوب بدلاً عن الانقلاب وتحرير الشمال واستعادة الشرعية وصنعاء.
خطاب متهالك يتمسَّح بالوحدوية وكأنهم أجمعوا أن الحوثي يمثلهم وهو يلوك العبارات نفسها ثم يستهدف بتزامن مع الإرهاب عدن وأهلها. هؤلاء الضحايا بالعشرات أليسوا من عدن وجنوبيين؟ والذي قصف وهاجم وقتل أليس شمالياً؟ أم لأنها عدن لا يحق لها أن تألم وتتوجَّع؟
**
ليست قصة أننا نستعرض عضلات وحدوية بوستات وتعليقات، لكن هدرة لا تملك أن تقول لنا متى صنعاء؟
تنظيرات لا قيمة لها أمام حقيقة ذهاب سلطات الشرعية إلى تكريس انفصالات وتوطين نظام الأقاليم بناءً على مُسَوَّدة لم يجزِها استفتاء شعبي وبالمخالفة لدستور الوحدة الذي يتحدث عن دولة مركزية لا عن فيدراليات.
فمن الانفصالي؛ من يطالب أم من يمارس؟
**
اعتُقل في مأرب مواطن يمني وحدوي شمالي وشرعي وجمهوري ومستكمل الجرعات ضد الأمراض الستة، وصاحب رأي فرَّ برأسه من الحوثيين، ليُسلَم للحوثيين ويظهر في سجنهم بذمار.
بقي وحده حافظ مطير يصيح ويحتج ولا حد التفت أو أخذته الغيرة.
فقط المقرر من الإخوان للدرس، عدن، ويكون صاحب بسطة خضار.
**
ولو نسيت كل ما شهدته في حياتي، فلن أنسى ذلك الشاب الضالعي الذي أخذ المبادرة دون تردُّد وبكبرياء ونبل إنسان يمني من قاعة قلبه، عندما اقتربت السيارة من أول نقطة للحزام في أواخر 2016، فانزاح جهة الباب وجعل شاباً شمالياً فاراً من حوثة إب مكانه جوار طفله وأخته، ونبهه: فقط قُل هذه عائلتك، أما أنا فلديَّ بطاقة ضالعي.
الهُوية ليست بطائق جهوية يا ناس.
الناس هم الهُوية.