في تزامن مع حملة مستمرة باتجاه حادثة مرخة في شبوة، أعلن ترامب مقتل جمال البدوي، القيادي في القاعدة والعقل المدبِّر للهجوم على المدمرة "يو إس إس كول" 2000م، في غارة أمريكية استهدفته في مأرب.
ملاحقة الإرهابيين هنا، مجازة أمريكياً ولأمريكا. وفي شبوة ستعتبر الأخطاء خلال ملاحقة مشابهة جرائم حرب تحمل على "الاحتلال" والتحالف أو الإمارات القطب في التحالف.
التواطؤ ضد دماء وأرواح الأبرياء المدنيين، جريمة. ويجب الاتفاق حول ذلك، كائناً من كان يتحمل المسئولية. هذا مفروغ منه.
كما يجب الفراغ من اتفاق آخر، وهو أن المتاجرة بدماء الأبرياء وأرواح الضحايا، خارج سياق استهداف الوصول إلى إحقاق العدالة ولجم الأخطاء ومنع تكرارها، جريمة. كائناً من كان يفعل ذلك ويتحمل مسئولية الحرائق المفتعلة وما ينتج عنها.
ومثلما أن أغراض ومبررات، وحدة الصف وحماية المعنويات وخلافه، رفعت في وجه من يسأل عن المسئولين والمسئولية وراء عشرات الجنود الذين تُركوا مكشوفين وحصدتهم النيران في صرواح، يجب أن تؤخذ، على الأقل، اعتبارات من هذا الباب في التعاطي مع حدث محلي مؤسف ومحصور في حدود قرية. مع الفارق الكبير بين الواقعتين.
هناك لجنة تحقيق باشرت العمل فوراً في مرخة شبوة. وما من تحقيق أو حتى مراجعة إزاء فداحة وخطورة وخسائر ما حدث في صرواح، وشتان بين هذه وتلك.
نتصالح مع أنفسنا ونقول ما يجب، ولن يعجب هذا كثيرين، لكن أيضاً ليس ضرورياً أن يعجبهم. وليس ضرورياً أن يفرض الأصخبُ صوتاً والأكثر جرأة في التهويل والتهييج والتهريج والمزايدة شروطهم ومنطقهم. هذه قضايا عامة وحق الآراء والنقاش مكفول.
وبالعودة، عشرات الغارات والهجمات نفذتها الطائرات الأمريكية، ضد العناصر المطلوبة والقيادات على قائمة الإرهاب.
وهي تستمر في ذلك، وتتوالى الضربات الأمريكية في مناطق ومحافظات ثلاث بصفة رئيسة، هي: مأرب وشبوة والبيضاء، والنصيب الأكبر لمأرب.
وقتل خلالها العشرات، ولا أحد يسمع عنها أو يعلم بها، إلا عبر الإعلانات الأمريكية.
لو كان في نخبة شبوة، مثلاً، ولو حتى مستشار أو عنصر أمريكي واحد، لما أثار شرعيو مأرب والجزيرة واسطنبول، كل هذه الضجة والحملات الدعائية والتحريضية ضد وحدات أمنية شبوانية لاحقت مطلوبين بالإرهاب واستُدرجت إلى مواجهة في وسط سكني، ليحدث ما يحدث من أخطاء مؤسفة وسقط ضحايا من الجانبين.
معيار تجار صكوك الشرعية والمشروعية، أن تكون أمريكياً أو بريطانياً وتفعل ما تشاء.
ولا أحد سيسأل لماذا يتواجد معظم المطلوبين بالإرهاب في هذه أو تلك؟
ولا الجزيرة يهمها أن تتتبع عورات "المسلمين" في تلك النواحي!
كم يقتل يومياً بألغام ومتفجرات وعبوات وقذائف وقناصة وكاتيوشا الحوثيين في تهامة طولاً وعرضاً؟
وكم نالت هذه الخسائر والدماء والأرواح التي تسفك يومياً، من التضامن والتعاطف والاستنفار؟
بالعكس تماماً، فاوضوا الحوثيين ويستمرون في تجاهل كل خروقاتهم وتنصلهم من الاتفاق. وكأن لا شيء حدث.
حسناً، هل يكون الحل في إخراج أبناء شبوة ونخبة شبوة من محافظتهم، وتسليمها لقوات من الجيش في ألوية مأرب؟؟
طيب أمِّنوا الناس أولاً أن مأرب آمنة، وأن صرواح آمنة. أو بطلوا متاجرة بالدماء لحسابات وضيعة وأهداف مفضوحة.