محمد عبده الشجاع

محمد عبده الشجاع

تابعنى على

الوطن بحاجة ماسة لضابط إيقاع وليس لاعب قانون!!

Monday 05 November 2018 الساعة 02:46 pm

قد يبدو لاعب القانون أكثر إمتاعاً لكنه لا يكفي للوصول إلى مقطوعة كاملة الأركان، وإن بدا مدهشاً فإن ذلك مقصور في الفن، لكن في السياسة فإن الحاجة ماسة ل"ضابط إيقاع"، بعد أن خرج المتحاربون للتنزه، ولم يعودوا، ومعهم خرج الريال اليمني، وخرج الدولار، وخرجت الكثير من القيم والأعراف، الجميع خرج للتنزه على حساب الواطن والمواطن ولم يعودوا بعد.

خفت صوت السلام، طرق الجوع الأبواب والبطون والنوافذ، تفرق قوم سبأ؛ ليس بسبب فأر هذه المرة، ولا انهيار السد، لأن السد كان قد أصبح متيناً ومنيعاً ومشيداً بإحكام؛ وليس من السهولة بمكان أن يأتي فأر ويحدث فيه فجوة، وإنما تفرقوا بسبب فئران بشرية تجاوزت الصراع السياسي الذي كان يدور مرة فوق الطاولة ومرات تحتها، فئران بشرية متوحشة، ابتلعت الدولة بكل إمكاناتها، ظلت لعقود تعمل تحت الرماد للانقضاض على النظام الجمهوري، ومكاسب ثورتي سبتمبر وأكتوبر، كما أن غياب ضابط الإيقاع القادر على إعادة الأمور إلى نصابها، بعد أن تفلتت، جزء من استمرار التمزق.

الخطير أن هذه الفئران، وخلال فترة وجيزة، كشفت عن نفسها وعن مشروعها، فقد لعبت دور الثائر، ثم دور المصلح، ثم دور المصحح للوضع، ووقفت في وجه الفساد والجرعات السعرية، لعبت دور "الدويدار" والسمسار، والوسيط الخبيث الذي ينفذ أجندة خارجية لا أكثر، في محاولة منها لبلوغ الهدف الأخير، هدف تفخيخ المجتمع برجعية متخلفة، وأفكار ظلامية لا تتواءم مع طبيعة ومهام الإنسان اليمني، وتاريخه المليئ بالشموخ، والقوة، والبأس، والشدة والصبر.

إن استمرار هذه الجماعة بعينها في الحكم يعد جرماً، بعيداً عن ربطها التاريخي، فهي جماعة تمثل كياناَ فاسداً، ومشروعاً طارئاً، وفكراً خاطئاً يجب عزله كما يعزل المصاب بالجرب، وهذا لا يعني الاستمرار في الحرب وخوض المزيد من المعارك، التي استنزفت الأرواح والقدرات، والبنى التحتية، والطاقة الإيجابية التي يتمتع بها اليمنيون ويتميزون بها عن غيرهم من المجتمعات.

لابد وأن يعود المتحاربون من نزهتهم، رافعين صوت السلام، بعد أن يتم عزل هذه الجماعة تماماً، كونها لا تمثل جغرافيتنا ولا تاريخنا ولا الذات اليمنية ولا الجمهورية.

لابد وأن نتجنب الخوض في صراعات تاريخية، وردم أي فجوة تم استحداثها خلال الأعوام القليلة الماضية، والسير على خطى ثورة سبتمبر، ووصايا الشهيد علي عبدالله صالح.

لقد كشفت هذه الجماعة عن نواياها ومشروعها الكبير، وهذه حالة صحية لمعالجة الأمر وتلافي الأخطاء.
فقد اتخذت من التصحيح ومحاربة الفساد، وإعادة الاعتبار للسيادة الوطنية شماعة، غير عابئة بالحالة الإنسانية والاقتصادية، ولا بالمحيط من حولها، ولا بتوجهات القوى الدولية واختلاف الموازين، ولا حتى بالنضوج العلمي الذي تجاوز كل الخرافات والحقائق التي كنا نعدها من الثوابت.

نحن بحاجة لضابط إيقاع، لا أقول بحجم الشهيد صالح، وإنما لديه بعض من خصاله وخصائصه وصفاته، يتحلى ببعض القدرات والكاريزما.

لقد خسرت كل أطراف الصراع، والجماعات الممتلئة بالأحقاد والأيديولوجيات، وخسر الوطن والناس، والخليج العربي رجلاً بحجمه، ضابط الإيقاع الأول، موحد صفوف اليمنيين، والصوت العروبي الحامل لمشروع التحرر من الهيمنة، وتخليص الشعب الفلسطيني والأرض العربية من الصهيونية بالقوة والإرادة العربية الواحدة.

اليوم هناك "ربيع عربي" جديد، يتخلق في دهاليز اللاعبين بالقانون والسياسة؛ ضد "المملكة العربية السعودية" وضد "جمهورية مصر العربية" وما تبقى من النسيج، وكما اتضح أن غرفة عمليات تحريك الشارع العربي كان مقرها "تل ابيب"، فإن هذه المرة قد تم نقل غرفة العمليات من تل ابيب إلى الجوار، لأن الصيد أو بالأصح الضحية ليس بالسهل ولا بالشيء القليل.

فهل يستيقظ "الخليج العربي"، ليشكل نواة صد منيع، ويصبح رقماً بدلاً من أداة ضارة؛ من خلال دعم الدول التي مزقتها الحروب، وأنهكتها الصراعات الطائفية، كمحاولة للملمة الشتات قبل أن يقع الجميع في الفخ الكبير.