تكشف التحركات الأخيرة لحكومة هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي تطورا ملحوظا في سير الحرب ضد الانقلابيين الموالين لإيران والقوى المتحالفة مع قطر والتي يقول مسؤولون إنها حاولت العبث في جزيرة سقطرى.
هادي، الرئيس المعترف به دوليا الذي يقول سياسيون إنه سلم قرار مؤسسة الرئاسة إلى جماعة الإخوان التي عاثت في البلاد خرابا وسعت لعرقلة الحسم العسكري ضد الحوثيين، قبل أن تفتعل، مؤخراً، حربا أخرى في جزيرة سقطرى الجنوبية، أدار ظهره مؤخراً للجماعة، ورفض التخلي عن دولة الإمارات التي طالب الإخوان عن طريق البعثات الدبلوماسية إلغاء مشاركتها في التحالف العربي، فيما بدأ المجلس الانتقالي خطوات كبيرة في الحوار مع القوى والقيادات التاريخية، أكدت على أهمية توحيد الجهود لاستعادة دولة الجنوب كاملة السيادة.
هادي والميسري يديران ظهريهما للإخوان ويضعانهم موضع الحوثيين
أدار الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ظهره للحملة الإخوانية ولم يعرها أي اهتمام، فيما يبدو أنه قد وجه بوقف التعاطي مع الحملات الإعلامية المغرضة الهادفة إلى ضرب التحالف العربي.
وزار الرئيس اليمني، المعترف به دوليا، عبدربه منصور هادي، مركز قيادة العمليات المشتركة في العاصمة السعودية الرياض، حيث التقى كبار ضباط عمليات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وكان في استقباله الفريق الركن الأمير فهد بن تركي بن عبد العزيز آل سعود قائد القوات المشتركة، الذي أطلعه على طبيعة المهام وسير العمليات القتالية في مختلف الجبهات. وأشاد هادي بمستوى الكفاءة والتطور التقني والنوعي الذي وصلت إليه قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.
وأشاد الرئيس هادي بالدور الميداني والعملياتي الكبير الذي تضطلع به المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع، والى جانبها دولة الإمارات العربية المتحدة في تقديم العون واجتراح المآثر لمصلحة أمن واستقرار اليمن.. مؤكداً وحدة الهوية والهدف والمصير المشترك.
زيارة الرئيس هادي جاءت في أعقاب تقديم الدبلوماسية اليمنية رسالة هي الثانية لمجلس الأمن تطالب بإلغاء مشاركة القوات الإماراتية في الحرب باليمن، الأمر الذي اعتبرته وسائل إعلام عربية بأنه تأكيد على الاختراق القطري للدبلوماسية اليمنية، من خلال سفير اليمن في واشنطن أحمد عوض بن مبارك الذي يصنف بأنه رجل الدوحة الأول في الدبلوماسية اليمنية. وكانت الرسالة السابقة التي تقدم بها المندوب الدائم لليمن لدى الأمم المتحدة خالد اليماني والسفير أحمد عوض بن مبارك تضمنت مطالب حكومية بتصنيف قوات الحزام الأمني المتخصصة في مكافحة الإرهاب بأنها مليشيات غير رسمية، الأمر الذي تسبب بحالة من الارباك للرئيس هادي الذي تم توقيع الرسالة دون علمه، حيث تشير بعض المصادر إلى أن مدير مكتب الرئيس الإخواني عبدالله العليمي تشاور مع نجل الرئيس (جلال) الذي أذن له بتوقيع الرسالة التي كتبها وزير الخارجية عبدالملك المخلافي، وقدمت عن طريق أحمد عوض بن مبارك.
وجد الإخوان في اليمن ومن خلفهم قطر مزاعم "احتلال التحالف" لجزيرة سقطرى وجبة دسمة للنيل من التحالف العربي، غير أن الرئيس هادي ووزراء في الحكومة رفضوا التعليق على تلك المزاعم، وحتى حكومة بن دغر التي عمدت إلى إثارة الموضوع في محاولة لابتزاز الإمارات، كما تفصح مصادر في الحكومة، سرعان ما تراجعت عن تلك المواقف العدائية للتحالف العربي. وظهر بن دغر، الذي تقول مصادر انه من حاول ابتزاز أبوظبي، وهو يفتتح مشاريع عدة في الجزيرة بدعم وتمويل من دولة الإمارات.
وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري الذي تصدر مشهد الإعلام القطري خلال الأسابيع الماضية، بعد أن اتهم الإمارات بمنع هادي من العودة إلى عدن، وهو الوزير الذي عرف بمواقفه المتناقضة، فضل الصمت بشأن موضوع جزيرة سقطرى المفتعل، لكنه لم يصمت عن الحديث لوسائل الإعلام واتهام بعض القوى اليمنية النافذة في الشرعية بالوقوف وراء إدخال الحوثيين إلى صنعاء، وتبرئة الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح من مسألة التحالف مع المليشيات الإيرانية التي قتلته أواخر العام المنصرم. الميسري اتهم أيضا الإخوان بشحن الرئيس هادي ضد الكثير من الأطراف اليمنية، ورحب باحتضان العميد أحمد علي عبدالله صالح.
وزير الداخلية اليمني كان قد عقد اجتماعا لما وصفه بحزب المؤتمر الجنوبي، قوبل هذا الاجتماع برفض مؤتمري، قبل أن يلمح إلى أنه قد تخلى عن فكرة مؤتمر شعبي جنوبي وان عليه احتضان نجل الرئيس الراحل. وعلى وقع الهجوم الإعلامي القطري على التحالف العربي، عزى الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في شهداء حملة أمنية نفذتها قوات الحزام الأمني في أبين، وهي المرة الأولى التي يبدي فيها هادي اهتماما بالقوات التي حاولت إدارته تصنيفها بأنها مليشيات غير رسمية. وسبق اهتمام هادي بهذه القوات تصريحات أدلى بها وزير الداخلية أحمد الميسري الذي اعتبر هذه القوات قوات رسمية أسستها قوات التحالف العربي لمحاربة التنظيمات الإرهابية. وعقب ذلك، قام هادي بزيارة القيادة المشتركة للتحالف العربي في الرياض، وأشاد بالدور العسكري للقوات المسلحة الإماراتية التي تشرف على عمليات الساحل الغربي لليمن.
ووضع الميسري جماعة الإخوان في موضع الحوثيين، حيث أكد أنهم من كان يشحن الرئيس هادي ضد القوى الوطنية في صنعاء.
وأكد أن الإخوان من أدخل الحوثيين إلى صنعاء، وحملهم مسؤولية الحرب الدائرة منذ ثلاثة أعوام.
من ناحية أخرى، افتتح بن دغر مشاريع عدة في سقطرى مولتها دولة الإمارات العربية المتحدة، الشريك الفاعل في التحالف العربي.
ولم يكتف بن دغر بذلك، بل وجه تحذيرا مبطنا لإعلام الدوحة وحذرها من مغبة مواصلة نشر أخبار ونسبها إلى مصادر حكومية، غير أن مصادر يمنية رفيعة أبلغت "أن السعودية ضغطت على حكومة هادي وطالبتها بوقف الحملات المغرضة ضد دولة الإمارات والتي يقوم بها مسؤولون حكوميون إخوان".
وعبر مكتب رئيس الحكومة اليمنية الشرعية عن استغرابه لسيل التصريحات المنسوبة لمصادر حكومية مجهولة في وسائل إعلامية مختلفة، وتوظيفها سياسيا، بتصويرها على أنها مواقف للحكومة الشرعية، في محاولة مستميتة للتشكيك بعلاقاتها مع دول التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، والقائمة على أسس متينة وغايات وأهداف مشتركة ليست محل خلاف أو تأويل.
هادي لا يريد أن يخسر دولة الإمارات العربية المتحدة، الشريك الفاعل في التحالف العربي، ناهيك عن أن الرياض لا يمكن أن تسمح بالمزيد من الحملات القطرية المغرضة ضد أبوظبي، السند الخليجي والعربي. وتوحي تحركات هادي أنه في طريقه إلى الابتعاد عن الإخوان الذين قال وزير داخليته إنهم شحنوا هادي ضد العديد من الأطراف، وفي حال ابتعد هادي عن الإخوان وأقال مدير مكتبه الإخواني عبدالله العليمي فإنه بذلك قد يرفع الغطاء عن التنظيم الموالي للدوحة والذي تزايدت الشكاوى منه بالعمل على عرقلة الحسم العسكري ومساندة الانقلابيين، وهو ما قد يؤدي إلى وضع الإخوان كمتمردين وضربهم أسوة بمليشيات الحوثي الانقلابية. الإخوان الذين استغلوا الشرعية في النيل من دول التحالف العربي قد يمضي هادي في رفع الغطاء عنهم، خاصة وان الأزمة مع قطر لم تحل بعد وهادي لا يرغب في إطالة أمد الصراع الذي قد يكلفه التخلي عن الرئاسة في حال تأخر الحسم العسكري.
الإمارات تحبط مخططا قطريا تركيا في سقطرى والجنوبيون يجددون الوفاء للتحالف العربي
الموقف الحكومي المتغير كشف عنه مسؤول يمني رفيع، أكد أن ما حصل في سقطرى هو إحباط مخطط قطري لمحاولة إقحام تركيا في الصراع اليمني.
وعلى ضوء هذا التدخل، أعلن التحالف العربي عن سحب سفينة تركية من قرب ميناء الحديدة عقب انفجار صاروخ بداخلها، وهو ما يوحي بأن من يوصل الصواريخ للحوثيين هي السفن التركية، مع انتظار ما تعلن عنه دول التحالف العربي.
وزعم الإخوان أن السفينة التركية تعرضت لصاروخ في حين أن الصور بينت أن الانفجار من الداخل وليس من الخارج.
تفيد مصادر أن سيطرة الإخوان على جزيرة سقطرى من خلال الإدارة المحلية هدفه إسقاط الجزيرة عسكريا وجعلها مركز إمداد للمتطرفين، وهو ما تنبهت له حكومة هادي، وبدأت على خلفيته بالتخلص من الاخوان وتركهم.
وأعلنت مصادر حكومية عن حصولها على معلومات تفيد برغبة تركيا في إقامة قاعدة عسكرية بجزيرة سقطرى على غرار القاعدة العسكرية التركية في الصومال.
وقالت المصادر إن تركيا وقطر تدعمان ادعاء الصومال ملكيتها للجزيرة الجنوبية، وذلك في محاولة للسيطرة عليها وإقامة قاعدة عسكرية فيها لتهديد دول المنطقة، إلا أن التحالف العربي حال دون ذلك.
ورفض مسؤولون مقربون من هادي السير وراء تلك الحملة الإعلامية التي شنتها قطر، بدعوى انتهاك التحالف العربي للسيادة في سقطرى.
الانتقالي الجنوبي يبدد مطامع ائتلاف الأحزاب اليمنية
وفي ضوء مطامع الإخوان في الجنوب، تمكن الانتقالي الجنوبي من تبديد مطامع ائتلاف الأحزاب اليمنية وبدأ جولة حوارية في الخارج، التقى خلال بقيادات الجنوب التاريخية: محمد علي أحمد وعلي ناصر محمد وعبدالرحمن الجفري.
وأكدت تلك اللقاءات على التقارب بين الانتقالي والقيادات التاريخية للجنوب فيما أعلن سكرتير الرئيس ناصر أن اللقاء يمهد لإعداد البيان رقم واحد.
وعزز لقاء جمع رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي بالرئيس الجنوبي السابق علي ناصر محمد الموقف الجنوبي الموحد الساعي لاستعادة دولة الجنوب السابقة على ترابها الوطني. وقال مصدر جنوبي في الإمارات "إن رئيس قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي التقت الرئيس علي ناصر محمد، وبحثت معه طرق توحيد الموقف الجنوبي نحو هدف نيل مطالب أبناء الجنوب وفي مقدمتها استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة، ويأتي هذا اللقاء امتداداً للقاءات والحوارات الجنوبية مع القيادات التاريخية والنخب السياسية والشخصيات الفاعلة، من أجل تعزيز وحدة الصف الجنوبي وتوحيد الموقف السياسي بما يحقق تلاحم الجنوبيين".
وبحسب المصادر "فقد سادت اللقاء أجواء مفعمة بالودّ والحيوية والتوافق، واتفق الجميع على مواصلة الحوارات واللقاءات خلال الفترة القادمة".
وقال السياسي الجنوبي جابر محمد، المقرب من الرئيس علي ناصر محمد، إن اللقاء الذي جمعهم بقيادة المجلس الانتقالي يؤسس لمرحلة صياغة البيان رقم واحد. وأضاف في سلسلة تغريدات على موقع التواصل تويتر "عندما يتحرك العقل الجنوبي يستطيع تجاوز كل الصعاب. أسسنا التصالح والتسامح وحددنا هدفنا من القضية الجنوبية العادلة ودعونا إلى حوار والانفتاح على الجميع، الجنوب يسير في طريقه الصحيح".
الجدير ذكره أن هذا اللقاء وصف بالهام، وجمع رئاسة المجلس الانتقالي بالرئيس علي ناصر محمد، ويعد اللقاء الأول منذ إعلان المجلس الانتقالي منذ عام.
الجنوب.. تحصين السيادة
خطوات المجلس الانتقالي الجنوبي وبدعم من التحالف العربي يمضي في تحصين السيادة الجنوبية من الأطماع الإيرانية والقطرية والتركية، ويبدو أن الرئيس هادي قد أبدى تفهما لما يقوم به المجلس الانتقالي الجنوبي، ويسعى لكسب الموقف الجنوبي خاصة وأن الإخوان يدفعون بالرئيس نحو تسوية سياسية مع الحوثيين، يكون ضحيتها الرئيس الجنوبي الأول الذي يحكم اليمن الموحد.
وبنفس طويل استطاع الانتقالي الجنوبي أن يدفع القوى والأحزاب اليمنية إلى إشهار ائتلاف يمني باسم الجنوب، قبل أن يتم تجاوز ذلك بانتفاضة شعبية ورفض الكثير من القيادات التي حاول الإخوان إدراجها في ذلك الائتلاف المشبوه.