د. عبدالصمد الصلاحي

د. عبدالصمد الصلاحي

وِسّاح القبيلة والتمدد الهاشمي

Thursday 03 May 2018 الساعة 01:09 pm

كانت البداية ثورة 11 فبراير 2011 التي تطلع الجميع لإحداث التغيير عبرها، إلا أنه تم احتواء فعلها الثوري وانتهت بالمبادرة الخليجية بدعوى حقن الدم اليمني، فتقاسم أوصياء الثورة الكعكة مع نظام الحكم السابق مناصفةً 50 % ب 50%. وفي غضون ذلك كان الحوثيون موجودين في ساحة التغير في صنعاء وفي نفس الوقت كانوا يبسطون نفوذهم على صعدة وأصبحت صعدة وكأنها إقليم بحكم ذاتي.

كان بإمكان عبدالملك الحوثي أن يحكم صعدة مستفيداً من إنتاج صعدة الزراعي (الرمان والزبيب والعنب والبرتقال...إلخ) ومن تهريب القات للسعودية؟ كان ابن صعدة يتحصل على ما يعادل 500 ريال سعودي في اليوم من تهريب القات للسعودية، ومثله ابن حجة في تهريب القات الشامي.

ميناء ميدي في حجة قابل للتطوير، ولو أن عبدالملك الحوثي كان يتمتع بحس وطني ويمتلك مشروعا تنمويا لاستفاد من أموال إيران وأصلح رصيف الميناء ووسعه وعمقه ليستقبل السفن التجارية، لكنه اكتفى باستقبال الزوارق المحملة بالأسلحة ليعد لحرب الاستيلاء على اليمن وإقامة اليمن الكبرى، على حد وصفه، واستعادة الحق الإلهي المسلوب من السلالة.

أتى مؤتمر الحوار.. تمثلت فيه جميع الاطراف... خضعت مخرجات الحوار لقاعدة إقرار توافقية، 18 دولة كانت تشرف على سير مؤتمر الحوار ودعمه ماليا ولوجستياً. دخل الحراك الجنوبي ممثلاً عن القضية الجنوبية. ومثل الحوثي نفسه وطرح مظلومية صعدة بالرغم من أن مظلومية صعدة كانت كلها بسبب مشروعه السلالي...
خرج مؤتمر الحوار بأهم مشروع إداري جامع لليمنيين وهو الفيدرالية.

كان الشعار المرفوع: الفيدرالية هي الحل... لماذا؟
شركات نفط وغاز وعمولات من القطاعات النفطية (2 دولار عن كل برميل) كانت تذهب لحساب المشايخ وبعض القيادات العسكرية المعمرة وشلة الحكم في صنعاء. كان أبناء حضرموت يسمعون عن النفظ وعن حجم التصدير لكنهم كانوا كالذي يسمع جعجعة ولا يرى طحينا ومثلهم أبناء مأرب وشبوة.

كانت محافظة الحديدة مجرد اسم في بطاقات هوية أبناء تهامة!! أرضهم وميناؤهم مملوكة لأساطين الفساد في صنعاء من مشايخ وسلاليين وتجار وقادة عسكريين وسياسيين، بينما ترك لأبناء تعز التباهي بتاريخ ميناء المخا وازدهاره الغابر... ميناء المخا كانت إدارياً يتبع محافظة تعز ومالياً يتبع محافظة الحديدة.. ترك ميناء المخا لتهريب الخمور والأسلحة وسموم القات وغيرها، كان فقط يزدهر موسمياً خاصة في عيد الأضحى لاستيراد الأضاحي، وكان الزائر يلمس ذلك من خلال "الضفع" المتراكم داخل عرصة الميناء..

ميناء عدن هو الآخر لا يفرق عن المخا، كانت البسطة مترين في مترين في باب اليمن صنعاء أغلى من نظيرتها في عرصة ميناء عدن!! انحفضت سعة الاستقبال للحاويات في ميناء عدن من مليون حاوية في السنة إلى 170 ألف حاوية سنوياً؟! أي أن السعة التشغيلية للميناء أصبحت 17% بنقص مقداره 83% !! وفي المكلا قصص مشابهة.

كان أبناء هذه المحافظات السابقة الذكر يشتغلون كأجراء لدى المشايخ والقادة العسكريين في صنعاء. كان النظام الأقتصادي مزيجا من الإقطاع والبرجوازية. لم يكن أبناء هذه المحافظات المنكوبة مجرد مقيمين خارج أرضهم في ظل دولة الإقطاع.

وعوداً على بدء، الفيدرالية إحدى أهم توصيات مؤتمر الحوار الوطني، خلاصة بماهية إدارية. ومن أجل أن تتحقق كان لابد من حدوث معجزة كونية، فمراكز النفوذ التقليدية متعودة على "الوساح". أرجلهم في المهرة والحديدة وعدن وتعز ترفس المواطن في وجهه إن سأل عن موارد محافظته، الجيش والأمن المتنوع بين المدرع والجوي والبحري والخفر والأمن العام والحرس... الخ، كلها كانت تحرس الرجل الموسح في كل هذه المحافظات!!

الخلاصة، كان لابد من الحرب، حرب لاستمرار الرجل الموسح ترفس وتزبط، للتحول نحو الفيدرالية، الحرب هي الضمانة الحقيقية للتحول نحو الفيدرالية.. الحرب صنعت لنا الجيش الضامن لتحقيق التحول مهما كانت السلبيات. وما فعله الحوثي هو أنه أطلق مشروع تأسيس مؤسسات جيش وأمن لكل محافظة من أبنائها بينما الحوثي ينسحب جغرافياً وإدارياً وسياسياً ليتقوقع ويتموقع في محافظات إقليم آزال تاراكاً وراءه محافظات امتلكت جيشاً وأمنا من أبنائها وتحررت من نفوذ "الأرجل الموسحة".

ويبقى السؤال: هل فعلاً سوف يصبح للحوثي إقليم؟ لا أعتقد ذلك.. لكن سننتظر وسنرى!