خالد سلمان

خالد سلمان

تابعنى على

إنتصار... جرحنا الذي صببنا فيه الملح

منذ ساعتان و 25 دقيقة

نحتفل بخروج جثة من أسر الخطف، نحتفي بأشلاء ممزقة تغادر قضبانًا أكلت عمرها، وسوطٍ نهش في لحمها، ومطاردةِ ساحراتٍ دمّرت منظومتها النفسية.

نحتفل بإطلاق الخاطف بعد أن أكملت إنتصار محكوميتها القهرية الظالمة.

ماذا أبقوا لإنتصار كي يتملكها الزهو، وهي تتنفس نسمات حريةٍ زائفةٍ لم تعد تمتلكها؟

ماذا خسرت إنتصار؟ بل ماذا خسرنا نحن بتركها عشاءً لصدأ قفص الزنزانة، مأدبةً للجدران الرطبة، ضحيةً لنا نحن الجمعية الصامتة؟

لم ننتصر لفتاةٍ كانت ضحكتها فراشًا ملوّنًا.

أدرنا ظهرنا، وأهديناها لجماعة الموت، روّاد طحن الفرح.

ماذا على إنتصار أن ترممه بعد خمس سنواتٍ بلا ضوء، بلا شمس، بلا حرية أو حياة؟

روحها المنكسرة؟

غدها الذي صودر؟

أم أوجاع أمها وأخواتها الصغار؟

أم نحن الذين استبدّت بنا ثقافةٌ عنصرية، باركنا خطفها ببصمة اللامبالاة، وقلنا: هي ليست منّا، أو هي نصف منّا، أو لا شيء منّا!

هي حبشيةُ الأم، وكأننا نقتسم مع الخاطف كراهية اللون، ونفرز في سياقه تراتبية الانتماء لجماعةٍ عنصريةٍ لا تعترف بسواها، وتؤمن بنقاء الدم والاصطفاء.

وهكذا، مع ترك إنتصار تنزف وحيدة، فعلنا.

إنتصار لعنةٌ في وجه منظمات الحقوق، وصمةُ عارٍ في جبين السياسة، غصّةٌ تُغرقنا جميعًا بالعجز حدّ الاختناق.

هذا الذي نزع جناحيكِ، ليس وطنكِ يا إنتصار.

على الإنسانية أن تمنحكِ وطنكِ البديل، حيث تتفتحين مجددًا وتزهرين، وتنثرين عبقكِ خارج هذا المستنقع، بعد أن باركنا موتكِ، وقلنا للجلاد: هذا اللحم الطريّ لك، افعل به ما تشاء.

إنتصار، جرحُنا الذي صببنا فيه الملح كي لا ننسى، مرآةُ أنانيتنا وانكسارنا الأبدي.

فليبارككِ الله، ويمنحكِ وطنًا آخر يليق.

من صفحة الكاتب على الفيسبوك