سامي نعمان

سامي نعمان

تابعنى على

التكتم الحوثي على مقتل قياداته.. محاولة للتماسك أم دليل على الهشاشة؟

منذ ساعتان و دقيقة

تتعرض ميليشيا الحوثي للاختراق واستهداف قيادات صفّها الأول، لكن قدرتها على التكتم لفترات غير معروفة وعدم معرفة ظروف وملابسات مقتل قياداتها تعطيها قدراً من الثقة، وهي جديرة بالبحث والمعرفة والتحليل.

عام 2017 أُعلنَ مقتل القيادي الأعلى سلطة في جهازها الأمني، طه المداني، بعد قرابة عام ونصف من التكتم.

وحين قُتل الصماد ظلّ الخبر حبيساً لأيام، لكنها اضطرت لكشفه لأنه — مثله — لا يمكن أن يخفى أكثر من ثلاثة أيام.

وحتى حين سحقت غارة إسرائيلية وزراء حكومتها ظلّ الخبر مجرد تكهّنات، رغم تسريبات أقارب القتلى رفيعي المستوى، ثم أُعلن ذلك رسمياً.

واليوم تُعلن مقتل الغماري دون كشف ظروف وملابسات مقتله وتلحقه بغزة، دون أن يتأكد مصدر مستقل ممّا إذا كان قتل بغارة إسرائيلية أم أميركية؛ فقد تَحدّث عن ذلك تسريبات عبر سيجنال عن قتل قيادي رفيع في ميليشيا الحوثي في منزل "عشيقته" دون أن يُكشف عن هويته.

الميليشيا الحوثية الإرهابية أكثر ميليشيا حريصة في العالم على مكافحة الاختراق بعد وقوعه: بالتكتم على ضحاياها وعدم تسجيل انتصار فوري للمستهدف؛ بل إنها لا تبلغ حتى أقارب قتلاها، بمن فيهم الكبار، بمصيرهم، وتخبرهم أنهم في "مهام جهادية"... فيما تجهّز لنسج خططها الإجرامية القذرة والبحث عن ضحايا ملائمين تغطي بها انكشافها المريع.

من تحميل التهاميين الأبرياء تبعات مقتل الصماد، إلى تحميل موظفي الأمم المتحدة مسؤولية اهترائها واختراقها ومقتل وزراء حكومتها ورئيس أركانها — بينما هي تختطف موظفي الأمم المتحدة (بما فيهم اليونسكو) منذ عام 2021 — بل حتى في قضايا مقتل شخصيات بارزة أخرى في سلطتها مثل أحمد شرف الدين وحسن زيد، تلجأ للتعامل معها بقذارة وقحة بتلفيق التهم بأسلوب همجي أبعد ما يكون عن أبسط أساسيات الجهاز الأمني المحترف.

وهل هذا التكتم يُعتبر إنجازاً؟ ربما هو إنجاز أمني لها لاختبار قدرتها على خلق أسرار طارئة وحمايتها، آخذاً بالاعتبار أن شخصاً مثل الغماري وقادة آخرين كانوا مؤخراً — خوفاً من ضربات أميركا وإسرائيل — محاطين بدائرة مغلقة ومحدودة وموثوقة للغاية. وبالتالي، فالتكتم ليس إنجازاً بأثر رجعي بعد الاختراق رغم الإجراءات المشددة المحاطة، لكنه في المقابل مهين لكرامة قياداتها وأسرهم؛ إذ يعيشون فترات لا يعرفون مصير أقاربهم، ثم يُشيّعونهم بانكسار دون أدنى معرفة بملابسات مقتلهم: إن كانوا قد قُتلوا في معاركها الهمجية أم أنهم من ضحايا تصفيات بينية أم من ضحايا "الغدر والخيانة".

هل يتوجّب عليك أن تقتدي بالحوثي؟ قطعاً لا؛ بل ستكون همجياً إن فعلت. أعلن عن مقتل قياداتك، كما أعلنت استشهاد الشدادي والوائلي وعلي ناصر هادي وجعفر وغيرهم. شَرِّفهم بكرامة وواجه أخطاءك إن وجدت. ضع تضحياتهم في صلب المعركة التي يخوضونها، وليتعلم صفّك أن القائد مثل الجندي في التضحية، وأن اليمن لن تنتهي بمقتله. شَرِّفْه وامضِ على خطاه.

الحوثي ليس قوة في شيء مهما بدا مبهراً.

من صفحة الكاتب على الفيسبوك