عبدالله إسماعيل

عبدالله إسماعيل

تابعنى على

من أئمة الزيدية إلى وريثهم الحوثي.. الفوضى واستدعاء الحروب شرط البقاء

منذ 5 ساعات

منذ ظهورها كتنظيم مسلح عام 2004، لم تكف جماعة الحوثي عن استدعاء الحروب، وتوسيع رقعة الصراع داخليا وإقليميا، دون أن تقدم لليمن سوى الموت والدمار والتجويع. ومع كل هدوء نسبي او تحرك جاد نحو السلام مهما كان بعيدا عن سردية الصراع، تختلق الجماعة عدوا جديدا، أو معركة وهمية، لتفادي الضغوط الشعبية، وإبقاء البلاد رهينة للفوضى التي تتغذى عليها. 

هذه الاستراتيجية ليست طارئة، بل متجذّرة في البنية الفكرية للإمامة الزيدية التي تستند إليها الجماعة، منذ قدوم الكاهن يحيى بن الحسين الرسي طباطبا إلى اليمن، وحتى عبدالملك الحوثي اليوم.

فكر ناسف للتنوع

الحوثيون ليسوا مجرد ميليشيا مسلحة، بل هم امتداد حي لعقيدة سياسية دينية ترى أن الحكم "حق إلهي حصري" لسلالة محددة، ولذلك، ففكرة الشراكة السياسية أو التداول السلمي للسلطة ليست واردة في قاموسهم، بل إنهم يعتبرون التنوع السياسي والفكري تهديدا وجوديا يجب إزالته، وكل من يخالف "السيد" يصبح خصما للدين، وعدوا لله، يستحق الإقصاء والقتل.

البيئة المثالية لفيروس الامامة 

جماعة الحوثي، كالإمامة الزيدية التي انبثقت عنها، لا تستطيع أن تحكم في بيئة مستقرة، وتحتاج دائما إلى حالة طوارئ دائمة، إلى عدو داخلي أو خارجي، إلى "جهاد" مستمر، حتى تبرر استبدادها، وتموّل جباياتها، وتمنع أي مساءلة أو مطالب بالخدمات. 

في السلم، تنكشف عورات الجماعة: لا برامج، لا كفاءة، لا عدالة، ولا قدرة على التحول الى دولة او شبه دولة، بل تكوينيا لا معنى لديها للدولة بمفهومها الضامن للأمن والخدمات والاستقرار، بل دولة فكرة لا تغادر مربع الحروب والتسلط والنهب. 

لكنها تستطيع المناورة في الحرب، ترفع الشعارات، وتُسكت الأصوات، وتُنهب الأموال باسم "المجهود الحربي"، وتهرب من الاستحقاقات العاجلة الى أوهام المواجهة مع عدو الدين والدنيا، والذي ما يكون غالبا عدوا شعبيا مفترضا رافض لها، او عدو خارجي مزعوم.

استدعاء التدمير الخارجي

سلوك الجماعة اتسم بتصاعد دائم في مستوى التصعيد، ففي العام 2004، أشعلت أولى حروبها مع الدولة اليمنية، مدمّرة صعدة وما جاورها.

وفي 2014، اجتاحت العاصمة صنعاء، مما استدعى تدخلا إقليميا لإنقاذ الدولة اليمنية.

وفي 2024، نقلت الجماعة المعركة إلى المجال الدولي، عبر استهداف الملاحة، لتبرير عسكرة الشواطئ وتهديد الممرات الحيوية.

وأخيرًا، في 2025، أوهمت اليمنيين والعرب أنها تخوض معركة مع إسرائيل، بينما الحقيقة أنها تسعى لاستدعاء الضربات الإسرائيلية، لتبرير فشلها، وتفخيخ الأرض اليمنية بمزيد من الحصار والدمار.

الخراب وعد الإمامة الزيدية

هذا السلوك ليس طارئا على الحوثي، بل هو امتداد واضح لنهج أئمة الزيدية، الذين لم يعرفوا الحكم إلا في ظل الفتن، وكانت كل مرحلة "سلطة" لهم مليئة بالاقتتال والتحريش بين القبائل، والفتاوى التي تبرر سفك الدماء لنصرة الإمام ضد "أعدائه المفترضين". 

في كتبهم روايات ترفع القتال إلى مرتبة الرزق، وتُحرم الاستقرار السياسي لأنه يهدد امتيازات الإمام وسلالته، ومن تلك الروايات: "جعل الله رزقي في ظل رمحي" التي يستخدمونها لتسويغ غزو القبائل ونهب الممتلكات.

ليس نصرةً لغزة بل نقل لمأساة غزة الى صنعاء

في حملتهم الأخيرة باسم "نصرة فلسطين"، لم يسجل الحوثيون أي أثر حقيقي في ميدان الحرب، بل فتحوا على اليمنيين باب مواجهة دولية لا طاقة لهم بها، وعرّضوا مقدرات اليمنيين في الحديدة وموانئها، وصنعاء وعمران وغيرها لضربات مدمّرة، وسط فشل دفاعي وكذب على الاتباع، وغياب لأي رد عسكري ولو في الحد الأدنى، فالهدف ليس اسناد غزة، بل إحكام القبضة على الداخل، وتشتيت الأنظار عن الفشل والنهب، واستثمار "القضية" لفرض مزيد من الطاعة والجباية، وتأجيل سقوطها المدوي الذي سيحين قريبا اذا واجهت اليمنيين، وفقدت مبررات الاستمرار في ممارسة العنصرية والقتل والسرقة وهي ترفع علم فلسطين.

الفوضى استراتيجية بقاء

لم تكن الفوضى يوما حالة طارئة في مشروع الحوثيين، بل كانت — وما تزال — جوهر الاستراتيجية التي تعتمدها الجماعة لضمان بقائها واستمرار سلطتها، فمنذ لحظة احتلالها للعاصمة صنعاء، سعت الميليشيا إلى تدمير مؤسسات الدولة، وتجريف المجال العام، ومنع أي شكل من أشكال التنظيم السياسي أو المدني الذي لا يخضع لسيطرتها. 

رفضت الانتخابات بوصفها خطرا على شرعيتها المزعومة، وهاجمت كل صوت معارض، سياسيا كان أو إعلاميا، وسعت لتكميم الأفواه وإخضاع المجتمع تحت منظومة الطاعة المطلقة.

وفي سبيل ذلك، خلقت عدوا دائما – يتبدل اسمه وظرفه – لكنه يؤدي وظيفة واحدة: تأبيد حالة الحرب، وشرعنة عسكرة الحياة العامة، وتبرير الجباية، وتغييب المساءلة. 

هذه الفوضى، بكل ما تحمله من خراب، سياسة مقصودة ومخطط لها، لأنها تُقصي الدولة، وتُضعف المجتمع، وتُعزز سلطة الجماعة باعتبارها قوة احتلال قاهرة تمارس التضليل وتحسن ركوب الاحداث وتوظيفها.

خاتمة:

ليست معركة الحوثيين مع إسرائيل، ولا مع "الاستكبار العالمي"، ولا مع "العدوان"، بل مع اليمنيين أنفسهم، ومع فكرة الدولة، ومع أي شكل من أشكال التعايش الحر والتعددية السياسية، ولهذا ظهر سيئهم بعد ضربة الكيان المذلة، لا ليهدد إسرائيل، بل ليتوعد اليمنيين.

ولذلك، فإن إسقاط مشروع الحوثي _مشروع الإمامة الزيدية الجديد_ هو إنقاذ لليمن من استراتيجية الخراب التي تتغذى عليها الجماعة، وتجديد لوعد الجمهورية وحق الناس في أن يعيشوا خارج منطق السيف والخرافة والطاعة العمياء.

 #إيران_تسرق_بيانات_اليمنيين

من صفحة الكاتب على منصة إكس