حسام ردمان

حسام ردمان

تابعنى على

العلاج بالكيّ: هل تنجو الشرعية من مأزقها الاقتصادي؟!

Saturday 19 July 2025 الساعة 08:15 pm

تعود جذور الأزمة الاقتصادية التي تعيشها الشرعية إلى العام 2022، حينما حُرمت الحكومة من أهم مواردها بعد ضرب الحوثيين لموانئ تصدير النفط، ومنذ ذلك الوقت بدأ الخبراء الاقتصاديون يتعجبون، ليس من سرعة الانهيار بل من قدرة الحكومة على التماسك!

وبفضل الثقة الدولية التي تبلورت تجاه البنك المركزي و وزارة المالية، استطاعت الحكومة أن تسترد العديد من أرصدتها في الخارج لتغطية نفقاتها وتسديد فاتورة المرتبات.

منها على سبيل المثال مبلغ 600 مليون دولار ساعد الفرنسيون والبريطانيون الحكومة الشرعية في استخدامها، من حقوق السحب الخاصة، وهي تعود لارصدة حكومية من أيام اليمن الشمالي تم إيداعها بالخارج في سبعينيات القرن الماضي.

ورغم أهمية هذه المساعدة الدولية، فان الحكومة اليمنية ما كانت لتصمد دون التمويل السخي من دول التحالف العربي التي تعهدت به عقب مشاورات الرياض.

لكن التمويل السعودي والإماراتي هذه المرة لم يكن جزءاً من اقتصاد الحرب، بل جاء كمقدمة لعملية التعافي الاقتصادي والحوكمة المؤسسية. لذا فانه كان مشروطا باصلاحات عاجلة، وهو ما ظلت السلطة الشرعية تتهرب منها طيلة الفترة الماضية.

وبالتوازي مع هذا التهرب الحكومي كان المأزق الاقتصادي للشرعية يتراكم على مدار ثلاثة أعوام، إلى أن بلغت الامور منعطف لا يمكن احتماله في العام2025.

ورغم قتامة الوضع ألا أن مصير الشرعية مازال في يدها، ولديها خياران في المتناول لتجاوز الأزمة: 

- إما قيام الحكومة بتصدير النفط رغما عن الحوثي أو بالتفاهم معه.

-وإما إنجاز الحكومة لروشتة الإصلاحات المطلوبة منها لإستيعاب شرائح الدعم المالي من حلفائها. 

والصواب إنجاز الأمرين معا، لكن الإصلاحات تبدو اليوم الأكثر الحاحا لإنها تعزز إجراءات الحوكمة وتحقق الإستدامة المالية.

والخطير في أزمة الشرعية الاقتصادية، أنها لم تقتصر على إغضاب الحاضنة الشعبية في المناطق المحررة بل أنها عمّقت الفجوة الإستراتجية مع جماعة الحوثي:

فبالرغم من تظافر الشروط الموضوعية بالضد من الحوثي بعد فرص العقوبات و تدمير ميناء الحديدة، عجزت الشرعية عن توفير الشروط الذاتية التي تمكنها من استثمار الفرص لتغيير ميزان القوى الاقتصادي في صالحها تمهيداً لتعديل ميزان القوى السياسي والعسكري لاحقا.

لذا فإن طريق الحسم الإستراتيجي في مواجهة الحوثي، وطريق تحسين الوضع المعيشي في المناطق المحررة، يبدأ أولا بعلاج المازق الاقتصادي للشرعية، والعلاج هنا يجب أن يتم بالكيّ ودفعة واحدة من خلال حزمة الإصلاحات.

وبحسب ما أكدته مصادر ديبلوماسية خليجية وغربية، فان "روشتة الاصلاحات" تتضمن خمسة نقاط، غير إعجازية، وافق عليها مجلس القيادة الرئاسي ويبقى أن تنفذها الحكومة، وهي:

1- إقرار موازنة عامة للحكومة. وهو أمر بديهي في أي دولة محترمة.

2- تحرير سعر الريال الجمركي، مع العلم بأن المواد الأساسية من غذاء ودواء مستثناه وستظل مدعومه. ولكن لا يعقل أن تدفع الدولة فارق الدولار لتاجر سيارات أو مستورد أثاث فاخر، في حين هي تعجز عن دفع مرتبات موظفيها.

3- رفع تعرفة الكهربا في النظام التجاري والحكومي، إما مع المواطنين فيتم تفعيل نظام الشرائح بحسب الاستهلاك.

4- التوريد لحساب الحكومة في البنك المركزي من كل الهيئات الاقتصادية الحكومية والسلطات المحلية.

5- إقرار لجنة تغطية الإستيراد، والتي قد تم تحديدها والتوافق على أعضاءها ويبقى فقط إصدار قرار بها.

"هذه الإصلاحات تصب في مصلحة الدولة والمواطن، ومجتمع الأعمال، والمانحين الدوليين. والطرف الوحيد المستفيد من تعطيلها هو الحوثي، أو التجار الطفيليون المتواطئون معه."

حالياً تقف الشرعية أمام منعرج مصيري، ولن يكون بوسع أحد إنقاذها.. فإما أن تبادر إلى علاج نفسها بنفسها، وإما أن تستمر بمشاهدة مرضها العضال وهو يستشري في كامل جسدها الاقتصادي والسياسي والأمني، وسوف يعني ذلك قريباً دخولها مرحلة الموت السريري.

أما فيما يتعلق بالنخبة السياسية وناشطي المجتمع المدني وقادة الراي العام؛ فإن بوسعهم الإنحياز للمواطن بصورة شعبوية عبر الصراخ والتظاهر دونما هدى. 

أو أن بوسعهم تحويل هذه الإصلاحات إلى برنامج عمل يتم الضغط باتجاهه لتحريك الجمود الحكومي و إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

من صفحة الكاتب على الفيسبوك