سمية الفقيه

سمية الفقيه

تابعنى على

اخجلوا قليلًا .. فتعز تحتضر!

Wednesday 16 July 2025 الساعة 07:58 pm

ألم يكفِ ما لاقته تعز من حروب ومآسٍ حتى تُضاف إليها اليوم أزمة العطش؟ مدينة بحجم تعز، بتاريخها، بنضالها، بصمود أهلها، باتت اليوم تستجدي "شربة ماء"، وتئن تحت وطأة العطش في صيف قاس لا يرحم، فيما مسؤولوها صامتون، مختبئون، أو مشغولون بـ"خزنات القات" و"مكايدات المصالح".

في الوقت الذي ينتظر فيه الناس تحركًا رسميًا جادًا من أبناء المحافظة الممثلين في كل مفاصل السلطة – من مجلس القيادة الرئاسي، إلى رئاسة البرلمان، إلى الوزراء، إلى أعضاء مجلسي النواب والشورى، إلى السلطة المحلية، إلى كل مسؤول يحمل صفة رسمية باسم تعز – إذ بالجميع في حالة "غيبوبة سياسية"، أو بالأحرى في حالة "لامبالاة متعمدة".

يتفرجون على محافظة تتقطع أوصالها، تُستنزف أرواحها، ويزداد فيها العطش والضنك والفقر والمرض، دون أن يخرج منهم صوت يصدح بالحق، دون أن يجرؤ أحدهم أن يقول: "من الذي يعرقل؟ من الذي يمنع؟ من الذي يتاجر بمعاناة الناس؟" 

أين أنتم من تعز؟! ما قيمة مناصبكم إذا لم تحموا بها مدينتكم؟ ما فائدة كراسيكم إن كنتم لا تملكون الجرأة لتصارحوا الناس؟ هل أصبحتم مجرد واجهة شكلية؟ مجرد "ديكور سلطوي" يُستخدم للزينة في نشرات الأخبار والصفحات الرسمية؟

ألم يكن الأجدر بكم أن تقفوا صفًا واحدًا وتقولوا للعالم: "كفى حصارًا، كفى عبثًا، كفى استخدامًا لتعز كورقة في بازار السياسة!" لكن للأسف، يبدو أنكم فقدتم القدرة حتى على الكلام، ناهيك عن الفعل.

وتأتي الكارثة الأكبر، بدلًا من أن نرى مسؤولًا ينهض لقيادة المعركة الحقيقية في وجه من يقطع المياه ويمنع الكهرباء ويشل الخدمات، يظهر لنا شخص – مشبع من رأسه إلى قدمه – على منصات التواصل، يطالب طارق عفاش القادم من صنعاء، الذي لم ينتخبه أحد في تعز، أن "يأتي لحل أزمتنا"! 

يا للعجب! أين أبناء تعز؟ أين من اختارهم الناس؟ أين من أقسموا أن يخدموا هذه الأرض؟ هل انتهت الكفاءات؟ هل غاب الشرفاء؟ هل فرغت المحافظة من القادة؟ لماذا يُستدعى الغريب ليرتق ما مزقه صمت الأقربون؟!

المسؤولية عليكم، لا تُحملوها لغيركم! أنتم من تمثلون تعز، أنتم من تتقاضون المرتبات والامتيازات باسمها، أنتم من تملكون السلطة الشرعية داخل أروقة الدولة، لا طارق، ولا سواه. 

إذا كنتم عاجزين، فصارحوا الناس وانسحبوا بشرف. وإذا كنتم خائفين، فاعتذروا واتركوا المجال لغيركم. وإذا كنتم متواطئين، فتلك جريمة لا تُغتفر، والتاريخ لن يرحمكم.

ماذا نريد؟ لا نطلب منكم المعجزات. لا نطلب مشاريع عملاقة، ولا كهرباء 24 ساعة، ولا إعادة إعمار فورية. نطلب فقط أن تحموا حق الناس في شربة ماء! أن تصرخوا في وجه المتسبب، أن تفضحوا الفساد، أن تكسروا حاجز الصمت، أن تحفظوا لتاريخكم ولأهلكم كرامتهم.

تعز لا تستحق هذا الهوان. تعز التي كانت منارة الفكر، وساحة النضال، ومصدر الثورة، لا تستحق أن تتحول إلى مدينة تُدار بالصدقات والمبادرات ، ويُناشد لحل أزماتها "طارق" أو "صاحب معسكر".