عادل صالح النزيلي

عادل صالح النزيلي

تابعنى على

خيبات خارطة الطريق.. كيف تحولت التسهيلات للحوثيين إلى أعباء على اليمنيين؟

Monday 02 June 2025 الساعة 04:31 pm

على مدار الأعوام الماضية، ومنذ بدء الحديث عن خارطة طريق سلام دائم في اليمن، توالت سلسلة من التسهيلات التي قدمت لجماعة الحوثي كخطوات لبناء الثقة، من فتح مطار صنعاء الدولي، والسماح بدخول المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة، إلى تيسير حركة النقل الجوي المدني، وكلها كانت مرهونة بأمل أن تنعكس إيجاباً على الداخل اليمني، وتخفف من وطأة الحرب على المواطن الذي أثقلته الأزمات.

لكن الواقع يقول شيئاً آخر.

كل تلك التسهيلات تحولت في يد الحوثي من أدوات تخفيف معاناة إلى وسائل تعظيم النفوذ وتعميق الأزمة. لم يستفد منها المواطن البسيط في مناطق سيطرة الجماعة، بل استُخدمت لتعزيز شبكة مصالح حوثية خاصة، سواء عبر احتكار الوقود، وفرض الإتاوات على الواردات، أو توظيف المطار في حركة قياداتها وعناصرها، دون أن يلمس الشعب في تلك المناطق أي تغيير إيجابي.

منذ اندلاع الحرب، تصرف عبدالملك الحوثي كمراهق سياسي يخوض صراعاته دون اكتراث لعواقبها الإنسانية والوطنية. لا خطط دولة، ولا مؤسسات، بل ميليشيا عقائدية تسطو على مقدرات اليمن تحت غطاء «مظلومية» مفتعلة 

ومع كل ذلك، لم يحاسب الحوثي لا على كلفة الحرب، ولا على خروقه المتكررة لكل مساعي التهدئة، ولا على استغلاله التسهيلات الإنسانية لأغراض عسكرية وأمنية واقتصادية.

ومن المضحك المبكي أن تحول مطار صنعاء، الذي كان يفترض أن يُفتح للحالات الإنسانية والمرضى والمحتاجين للسفر الضروري، إلى ممر آمن لقيادات الحوثي في تنقلاتها الخارجية، وشبكة لوجستية مغلقة تخدم مشروع الجماعة، فيما لا يزال المواطن في الداخل يعاني من انعدام الخدمات الأساسية، وانقطاع الرواتب، وغلاء المعيشة المتصاعد.

الأطراف الدولية.. الغائب الحاضر

المفارقة الأشد مرارة أن المجتمع الدولي، والوساطات الأممية تحديداً، تتعامل مع الحوثي وكأنه طرف سياسي مأزوم، بينما الواقع أنه تنظيم مسلح عابر للحدود، لا يعترف بمفهوم الدولة ولا بحقوق الإنسان، ويستغل أية مبادرات إنسانية كغطاء لتعزيز مكاسبه الميدانية.

لم نشهد حتى اليوم أي موقف حازم يربط بين التسهيلات المقدمة وواجبات الحوثي حيال الشعب. بل ظلت المبادرات تقدم تباعاً دون اشتراطات حقيقية أو أدوات رقابة فعالة.

ما يجري اليوم هو عملية إنهاك ممنهجة لليمنيين باسم السلام، يديرها الحوثي بذكاء الميليشياوي واستغلال العجز الدولي. ولذا فإن أي خارطة طريق مستقبلية يجب أن تبنى على دروس السنوات الماضية:

لا تنازلات مجانية دون التزامات واضحة، ولا تسهيلات إنسانية بلا رقابة صارمة، ولا بقاء لعبدالملك الحوثي في مأمن من المحاسبة على حرب دمرت شعباً وأهدرت مستقبل وطن.

من صفحة الكاتب على منصة إكس