أمر غريب، ومريب في آن، نلحظه دوماً من تعامل الأمم المتحدة، ومبعوثيها وعملية الكيل بمكيالين، مع مليشيا الحوثي الإرهابية، فتقوم بملاطفتهم، وأنسنتهم وتعاملهم كجماعة محترمة، رغم معرفتها بعكس ذلك "سلوك إجرامي، وأسلوب عدواني، ونزوع إلى الشر دوماً" فلا احترام لاتفاق، ولا تجاوب مع مساعٍ إنسانية، ولا عودة إلى طريق سلام.
ومع ذلك يستمر، المجتمع الدولي بمنافقتهم، والسعي لإرضائهم، والنزول عند رغباتهم دوماً، في الوقت الذي يكبح جماح السلطة الشرعية، ويقصقص أجنحتها، ويجبرها على اتخاذ إجراءات قاتلة.
ورغم الإحاطات التي يقدمها المبعوثون الأمميون للأمم المتحدة، والتي تظهر نوايا المليشيا غير الصادقة في السلام ومراوغاتهم، وعدم التزامهم بتوصيات المبعوثين الأمميين، إلا أنهم مستمرون بالتعامل بسلبية، فيما يتعلق بهذا الشأن.
باختصار.. نستطيع أن نقول: إن جماعة الحوثي استمدت معظم قوتها، من مبعوثي السلام، فتمكنت من إتمام السيطرة على الأرض، وحصلت فرصة التسليح عبر ميناء الحديدة الذي كافأتها به الأمم المتحدة في مذبحة استكهولم، بعد أن كان على بُعد امتار من القوات المشتركة، وحراس الجمهورية.
إضافة إلى الهدن الطويلة، التي مكنتهم من التصنيع الحربي، واستقدام خبراء إيرانيين، ولبنانيين، إلى صنعاء، وجلب مواد تصنيعية، ومتفجرات معهم.
كل ما سلف كانت عوامل قوة، ضربت من خلالها المليشيا بالمبعوث الأممي وإحاطاته عرض الحائط.
وهكذا كلما تلقت مليشيا الحوثي ضربة موجعة، وأوشكت على الترنح والسقوط، يتدخل المجتمع الدولي، ويسارع لإنقاذها بمبادرة سلام، واتفاقيات، يدعو إليها طرف الحكومة الشرعية المغلوب على أمرها، ويتم الضغط عليها بقوة لتخضع لشروط وإملاءات تفرضها المليشيا نفسها، ويعتمدها المبعوث الأممي.
هذه المرة، هل ستنجح الشرعية ومجلسها الرئاسي، في فرض شروطها الثلاثة، والتي تتمثل باستئناف تصدير النفط، وتوحيد العملة الوطنية، وإلغاء كافة الإجراءات التعسفية بحق القطاع المصرفي، ومجتمع المال والأعمال؟
أم سيكون لهانس غروندبرغ رأي آخر؟