أحمد طه المعبقي
قراءة نقدية: انعكاسات الحرب على التجمع اليمني للإصلاح
في هذه القراءة القصيرة والمتواضعة سوف أسلط الضوء بشكل سريع على انعكاسات الحرب وآثارها السلبية على فرع التجمع اليمني للإصلاح بتعز على وجه التحديد.
على أية حال، تهدف هذه القراءة النقدية إلى الأخذ بيد إصلاح تعز، وإنقاذه من غرور السلطة ووهم الخلافة، ولكي يتسنى مساعدته بشكل جاد وفاعل، يتطلب منا قبل كل شيء مكاشفته، وإحداث تغذية راجعة تعيد إليه ذاكرته المفقودة، ليعرف حجم التشوه الذي طرأ داخل بنيته التنظيمية والسياسية، طيلة التسع السنوات الأخيرة.
على العموم، ليس بوسع أحد أن ينكر بأن إصلاح تعز جزء لا يتجزأ من نسيج تعز، ومكوناتها السياسية، وظل هو الأقرب إلى الحزب السياسي مقارنةً ببقية فروع الإصلاح في المحافظات الأخرى، وكان يراهن على فرع إصلاح تعز بأن يكون النواة الأولى للقيام بإحداث حركة إصلاحية داخل بنية وتركيبة التجمع اليمني للإصلاح، ونقل التجمع اليمني للإصلاح من تجمع لجماعات جهادية وعشائرية أصولية إلى حزب سياسي مدني.
لكن، للأسف الشديد، سقط كل هذا الرهان، وصار فرع تعز أكثر فروع التجمع تشوهاً والأكثر فساداً وطغياناً، وصل فساده وطغيانه، بنفس فساد وطغيان سلطة 21 سبتمبر الانقلابية التي انقلبت على قيم الحوار والتداول السلمي للسلطة، وأدخلت البلاد في حرب أهلية لم تتوقف حتى اللحظة، وأخضعت العاصمة صنعاء وبعض المحافظات تحت سلطة الأمر الواقع، وفرضت حصاراً جائرًا على مدينة تعز بعد أن بسطت سيطرتها على أجزاء منها بقوة السلاح..
كل هذه العوامل، آنفة الذكر، كان لها انعكاساتها المباشرة على إصلاح تعز، وخلقت منه حزبا مسلحا وشرطة بوليسية قمعية، نتج عنها في نهاية المطاف تعطيل لدور مؤسسات لدولة والشراكة السياسية، ولم يتوقف هذا التعطيل عند عامل الانقلاب وحده، بل أسهمت الحكومة والرئاسة والتحالف بجانب الانقلاب، في هذا التعطيل وتدمير الحياة السياسية، من خلال منح إصلاح تعز امتيازات جمة، نتج عن هذه الامتيازات إخضاع مؤسسات الدولة، لساطور الحزب الواحد؛ مما تسبب في تفافم الوضع الإنساني، واتساع رقعة انتهاكات حقوق الإنسان. وبحسب التقرير السنوي الصادر عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في الدورة الخامسة والأربعين لمجلس حقوق الإنسان- المنعقدة في تشرين الأول / 2 أكتوبر 2020م، حيث وضح التقرير الصادر في صفحته رقم 51، عن جرائم ضد الإنسانية ارتكبت في مدينة تعز، منها جرائم اختفاء قسري.
وأشار التقرير إلى أن "الفريق حقق عن حالات قتل على يد عناصر من محور تعز وفاعلين ينتمون إلى حزب الإصلاح". "ووثقت حالات من التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة السيئة، بما في ذلك العنف الجنسي أحيانا". وذكر التقرير "أن هناك عائلات علمت بمصير ومكان وجود أحبائهم فقط، بعد عدة أشهر من وفاتهم (في سجون سرية)".
كما تضمن في الصفحة 52 من نفس التقرير- بأن "هناك مناخا من الخوف في تعز للناس"، بما فيه القضاة الذين تعرضوا لهجمات عنيفة وترهيب. وإشار التقرير أيضا في نفس الصفحة إلى أن عائلات المختفين تعاني من آلام نفسية وتتعرض للخطر عند محاولتها البحث عن الحقيقة والانصاف.
نضع هذا المقتبس البسيط من التقرير الأممي أمام القارئ، وننتهز هذه الفرصة وندعو إصلاح تعز إلى القيام بمراجعة جادة لملفاته، لأن إحلال السلام والمصالحة المجتمعية تبدأ بالتوقف عن المكابرة، والاعتراف بالأخطاء ومعالجة الملف الحقوقي.
وندعو بقية الأحزاب السياسية بتعز إلى الخروج من حالة الكمون التي عليه والتوقف عن النفاق السياسي، وضع حد لحالة الاستئثار بالسلطة والموارد المحلية، والعمل على خلق حراك مدني ضاغط على الرئاسة والحكومة، من أجل إحداث إصلاحات جذرية في المؤسسة العسكرية والأمنية، ومكاتب السلطة المحلية ووقف حالة العبث المستشري، وإعادة الاعتبار للمرجعية القانونية..
عموماً، الحراك المدني الذي قصدته هنا هو الحراك الذي يبدأ بكلمة صادقة تخلق وعيا مجتمعيا واحتجاجا معبرا، وليس المسيرات الكبيرة المدفوعة الأجر التي تتقدمها سيارة التوجيه المعنوي حاملة مكبرات الصوت، والصراخ المضلل.