أحمد طه المعبقي
"شمسان" الوزير الناجح والمحافظ الأسير!
في البدء لا نستطيع التقليل من القدرات والكفاءات الإدارية التي يتمتع بها محافظ تعز الحالي نبيل شمسان.
بنفس الوقت لا نستطيع التقليل من معارف هذا الرجل وخبراته في تقنيات الإدارة ونظمها وقوانينها.
وليس بوسع أحد أيضاً أن ينكر بأن القدرات التي اتسم بها شمسان؛ حققت له نجاحات جمة لا تحصى في حياته العملية.
هذه النجاحات ساعدته أيضاً على تبوء العديد من المناصب المرموقة في الدولة، كمدير، وكيل، ونائب، ووزير، ونجح بإدارتها بكفاءة واقتدار، لكنه أخفق في آخر منصب تقلده كمحافظ لمحافظة تعز.
هذا المنصب الأخير أظهر المحافظ شمسان بالمحافظ الأسير، المستسلم لقانون الغاب، العاجز عن انتشال تعز من هذا الوضع الحالي بفساده ورواسبه التي انتجته أوضاع غير طبيعية، تسببت بتعطيل دور مؤسسات الدولة، وإخضاع مؤسسات الدولة لسلطة الجماعات النافذة المستقوية بقوة السلاح.
على أي حال أبرز الأخطاء التي يقع عادة فيها الحاكم عبر التاريخ، تسليم عقله للبطانة والحاشية المنافقة المحاطة به، التي تأسر عقله وتحجب عنه الحقيقة.
وقد عبر الأدب الصوفي عن مخاطر الحجاب الذي تفرضه حاشية الحاكم، بعزل الحاكم عن حقائق الأشياء، مما ينتج في نهاية المطاف عن هذا العزل كوارث وسقوطا مدويا.
لهذا جاء الأدب الصوفي بشكله الفلسفي الجميل يحث على أهمية إزالة الحجاب (وكشف الغطاء)، بواسطة الطريقة (العرفانية) أي معرفة الله مباشرة دون وساطة.
كان ذلك هو الوجه الفلسفي والثوري لمحاولة المتصوفة هدم الجدار الفاصل بين الإنسان والله.
ولكن هذا لم يكن هدفا لذاته وإنما الهدف الأبعد أو الدافع الكامن في الأساس المحاولة، لهدم الجدار الفاصل بين الإنسان والإنسان أي بين إرادة الحاكم المطلق (الخليفة ـ الملك) وإرادة الناس وهذا الجدار يتمثل ببطانة الحاكم التي تمثل جدارا حاجزا بين الحاكم والمحكوم.
على العموم الوضع في تعز اليوم لا يحتاج فقط إلى محافظ تكنوقراط، يمتلك قدرات معرفية في فنون الإدارة فحسب، بل تحتاج إلى قائد لديه أفق واسع، وإقدام بالقيام بحركة تغيير وإصلاح إداري واجتماعي معا ، ينتشل رواسب الفساد الذي انتجته السلطة الأحادية المتسيدة على الموقف منذ ثماني سنوات.
على أي حال تعز اليوم بحاجة إلى محافظ يحررها من الخوف والرعب، ويضع حدا لانتهاكات حقوق الإنسان، وامتهان الكرامة الإنسانية.
تعز اليوم بحاجة إلى المحافظ والقائد، الذي يرفد مؤسسات الدولة بالكوادر الكفؤه النزيهة، ويفكك المنظمومة المهيمنة على القرار، التي تقف عائقا أمام حلحة الكثير من الملفات العالقة، وأمام تحقيق دولة القانون والشراكة التوافقية.
تعز اليوم بحاجة للمحافظ الذي يكشف الغطاء للقيادة السياسية في الدولة عن الأطراف والأشخاص النافذة المعرقلة لاستعادة مداميك الدولة، أو بالأصح الأطراف المعرقلة لاستعادة أمن واستقرار تعز، والدور الريادي والحضاري والإنساني والثقافي لتعز.