أحمد عبدالله

أحمد عبدالله

الذكاء الاصطناعي والغباء البشري

Thursday 10 August 2023 الساعة 10:27 am

يشهد العالم تطوراً متسارعاً في مختلف المجالات، لكن التطور التكنولوجي وتقنيات الذكاء الاصطناعي باتت هي العنوان الأبرز والتي أصبحت حديث اليوم وواقع الغد.

الذكاء الاصطناعي المحدود الذي أصبح يحيط بنا في مختلف جوانب الحياة فبمجرد ولوج أي مستخدم للأنترنت أو استخدامه للكمبيوتر أو الهاتف المحمول فهو ولا بد سيمر على إحدى وسائل التقنية التي تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في معالجة البيانات بدءا من البحث في جوجل او الدخول على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي (فيس بوك وانستغرام وغيرها) التي تعتمد بشكل أساسي على تقنية الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات ومعالجتها.

واقعنا اليوم..

لكن أين موقعنا نحن في مضمار السباق بين مختلف الدول على الاستفادة من هذه التقنيات الذكية؟   

فبينما قوى العالم تتسابق الى الفضاء والتسلح بمختلف التقنية الذكية التي باتت عصب الأمن القومي للدول الكبرى نتجه نحن للاقتتال بالأسلحة والأدوات التي كانت تستخدم في الحرب العالمية الأولى. 

وانا هنا لا احث على تطوير الترسانة العسكرية ولكن تغيير المنظومة الفكرية وتحديثها بدلا من العبث بالمناهج والعقول بصراعات الماضي والخلافات الدينية والمذهبية العقيمة التي كانت وما زالت هي اهم أسباب تخلف وانهيار الحضارة الإسلامية وتشويه صورة العرب في الذهنية الغربية التي تعتبرهم مجموعات فكرية متطرفة ومتناحرة.   

نظرة قاصرة...

للأسف جل ما اخذناه من التقنية الحديثة هو استخدامنا لوسائل التواصل الاجتماعي بحيث بتنا نعتبر رواد وسائل التواصل خبراء التقنيات الحديثة واصبح الشباب يحلمون بالشهرة ويبذلون كل جهدهم وطاقتهم من اجل الحصول على الاعجابات وزيادة عدد المتابعين في وسائل التواصل الاجتماعي ولا يهم ما هو المحتوى المنشور والقيمة العلمية او حتى الترفيه المتوفر فيما ينشر وبات الاغلب يبحث عن الشهرة بوسائل رخيصة كالتنمر على الاخرين او السب والشتم والقذف من اجل اثارة الجدل وزيادة المتابعين.

والأخطر من ذلك هم من اتجهوا الى سب الاديان والدعوة الى الالحاد والشذوذ والانحطاط الأخلاقي بحيث صار هذا التوجه يشكل موجة عارمة تجتاح وسائل التواصل الاجتماعي باعتباره أداة ناجحة للحصول على اكبر عدد من المتابعين وفق مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة".

الغرب ووسائل التواصل...

قد نجد في المجتمعات الغربية محتوى لا يتناسب مع عادتنا وتقاليدنا لكن هذا المحتوى عندما ينتشر في اوساطهم لا يشكل تهديدا لمجتمعهم ولا يعتبر تهديدا للهوية وللعادات والتقاليد والدين كما هو الحال عندنا نحن العرب والمسلمين. 

وحتى لا نكون ضحايا التقدم التكنولوجي ادعو كل مستخدمي وسائل التواصل الى القاء نظرة الى صفحات مؤسسي وملاك أكبر الشركات العالمية (فيسبوك واكس ومايكرو سوفت وآبل) سنجد استخدامهم لوسائل التواصل للترويج لمنتجاتهم وخدماتهم.

فمثلا لم نجد ايلون ماسك ينشر كل تفاصيل حياته على منصة "اكس" ولم نر "ميسي" او "رونالدوا" يدخل في نقاشات على تويتر او ينشر في اليوم الواحد اكثر من عشرة منشورات لما تناول من اطعمة او ومتى سيخلد للنوم فهؤلاء الناس يعرفون القيمة الحقيقية للوقت ويعرفون ان التقدم والشهرة الحقيقية ليست بمستوى الاعجابات بل بالإنجازات والعلم والمعرفة واكتساب المهارات.

 فمارك زكر برج مؤسس فيس بوك عمل لسنوات طويلة على تطوير وبرمجة موقعه الى أن أصبح واحدا من اشهر المواقع.

 ومحمد صلاح نجم منتخب ليفربول لم يحقق شهرته وتميزه الكروي بمحتواه على اليوتيوب بل بالتدريب المستمر والمثابرة للوصول الى الهدف المنشود.

الخلاصة في نهاية المقال:

 لا بد لنا من مراجعة أنفسنا واستغلال طاقتنا وقدرتنا واوقاتنا بما ينفعنا في واقعنا المعاش واستغلال أوقات الفراغ في تنوير العقول بمحتوى علمي من الكتب التي هجرناها عندما اتجهنا الى وسائل التواصل الاجتماعي التي لوثت افكارنا وعقولنا وسرقت اوقاتنا. 

ولنحث شبابنا وشاباتنا ونوجه اطفالنا على الاستفادة بتطوير مهارتهم وقدرتهم من المحتوى العلمي المنشور على اليوتيوب وهجر وسائل التواصل او استخدامها بشكل مقنن لمدة لا تزيد عن نصف ساعة في اليوم حتى لا يقعوا ضحايا الإدمان لهذا الوسائل التي أصبحت متهمة بإصابة متابعيها بالقلق والتوتر النفسي والاكتئاب، وما خفي كان اعظم.