من حق "الحوثي" أن يحاصر "تعز". هذه "حرب". و"الحصار" إحدى مفردات الحرب.. ومن المقبول -حسب أعراف وقواعد الاشتباك- أن يقوم أحد طرفي الحرب بفرض حصار جزئي أو كلي على الطرف الآخر.
وبالتالي: من الطبيعي أن يقوم "الحوثي"، طالما هو قادر على فرض الحصار، بفرضه على الطرف الآخر في تعز، أو غيرها. من مناطق سيطرته.
ما هو غير طبيعي، بل وسخيف للغاية. هو قيام الطرف الآخر "المحاصَر" بمطالبة الحوثي برفع هذا الحصار.!
المطالبة برفع الحصار حق حصري بالمنظمات الإنسانية، والوسطاء، والجهات المحايدة المهتمة.. أما الطرف "المحاصَر" فليس أمامه لـ"إنهاء" حالة الحصار إلا أحد خيارين:
• إما أن يكسر هذا الحصار بالقوة.
• أو يستسلم، ويسلم المنطقة المحاصرة.
لا وجود لخيار ثالث. الصمود لأطول فترة ممكنة أمام الحصار، لا ينهي المشكلة، بل يفتحها على الغيب والمستقبل المجهول.
وأيّاً كان الأمر.. لا يمكن حل المشكلة بالصراخ الإعلامي، والهشتاجات الرقمية.. التي كانت ديدن سلطة الأمر الواقع في "تعز الغربية"، وجيوشها الإعلامية طوال 3000 يوم من هذا الحصار.!
تعرف هذه السلطة أن هذه الطريقة الضوضائية لم تنجح في تقديم أي اختراق لصالح قضية تعز، ولا القضية اليمنية، طوال هذه المدة، فضلا عن كونها لم تنجح في رفع الحصار عن أي مدينة محاصرة على امتداد الجغرافيا والتاريخ.
ومع ذلك، هي مصرة عليها، ودشنت مؤخراً فعالية حاشدة مدوية بمناسبة مرور هذه المدة على الحصار، وأصدرت بياناً دعت فيه "جميع الوسائل الإعلامية والمنصات الإلكترونية والصحفيين والإعلاميين والناشطين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي في الداخل والخارج إلى المشاركة الفاعلة في حملة إلكترونية تحت هاشتاج: #تعز3000_يوم_حصار".!
ما هكذا تورد الإبل.! الحرب ليست لعبة بلاستيشن ليمكن حسمها من وراء الشاشات الرقمية، أو ظاهرة صوتية يمكن مواجهتها بظاهرة صوتية أخرى.!
إن أقصى ما قد تفعله الترندات والهشتاجات هو مساعدة الجهود الدبلوماسية في إقناع بعض أعضاء المجتمع الدولي بمحاولة إقناع الحوثي على رفع الحصار بشكل جزئي ومؤقت ولدواعٍ إنسانية، ورغم ذلك لم تنجح هذه المحاولات حتى الآن.!
بعبارة أخرى: الاعتماد على الضوضاء والهشتاجات الرقمية، وانتظار أن يقوم الحوثي، استجابةً لها وبدون مقابل ولا شروط.. برفع هذا الحصار، هو:
في أحسن الأحوال: فكرة حالمة ساذجة وحمقاء.. تنبي عن جهل مريع بأمور السياسة والحرب.
وفي أسوأ الأحوال: خدعة مغرضة محفوفة بصنوف الانتهازية والابتزاز والمتاجرة بالحرب والحصار، وتوظيف الأزمة لمصالح مادية وسياسية خاصة يمكن فهمها.