استعادة الدولة للجنوب لن تأتي من على طاولة المفاوضات حتى وإن ذهب الجنوب بفريق تفاوضي مستقل من أدهى رجال السياسة والقانون.
لأن الأمر ببساطة قائم على حقيقتين يجب أن يدركها صاحب القرار الجنوبي:
أولا: لا يوجد أي طرف محلي من شركاء دولة الوحدة على استعداد لإعطاء الجنوب هذا الحق لمجرد الجلوس على طاولة المفاوضات دون دوافع قهرية أخرى تجبره على ذلك.
وحتى وإن وجد أي تفهم لهذا الحق، لكن الإقرار به رسميا يعتبر انتحارا سياسيا كاملا لهذا الطرف في إطار ما كان يسمى بالعربية اليمنية.
وثانيا: لا يوجد أي طرف إقليمي أو دولي على استعداد لتبني (رغبة تفاوضية) جنوبية باستعادة الدولة وليس (واقع ميداني) فرضته موازين القوى المحلية، فتغيير خارطة الحدود السياسية في أي منطقة تمت وتتم منذ عهود استجابة فقط لتغيرات حصلت على الأرض وأصبح ترسيم الحدود مجرد نتيجة تباركها الأسرة الدولية وعلى مسؤولية الأطراف المحلية التي أحدثت ذلك التغيير.
وعليه يبقى المسار السياسي (مفاوضات وغيرها) هو مسار مكمل لعمل أهم يجب أن ينجز على الأرض وليس العكس.
ثالثا: على المجلس الانتقالي الجنوبي أن يعطي متطلبات المواطن من توفير وضع اقتصادي أفضل وخدمات عامة بالحد المعقول أولوية قصوى في أجندة أعماله.
ويمكن تلبية هذا الشق الاقتصادي والإداري للعمل في الجنوب من خلال تفعيل الهيئة التنفيذية العليا التي أعلن الانتقالي عن تشكيلها حديثا من الوزراء وقيادات المحافظة.
يجب تفعيل هذه الهيئة من قبل المشاركين فيها من القيادات المعنية ووضع برنامج موحد لها حتى نهاية العام على مستوى الاقتصاد والخدمات والإدارة بالجنوب وتوزيع المهام بين أعضاء الهيئة لمتابعة كل ملف مع الجهات الحكومية المعنية والتقييم الدوري في الهيئة لمستوى الإنجاز في كل ملف.
عمل الهيئة التنفيذية العليا بهذا الشكل سوف يضع اللبنة الأولى لوجود إدارة مؤسسية متكاملة لإدارة الجنوب وهي أشبه بالحكومة المصغرة.
ونجاح عملها يوفر ظرفا أفضل لتقوية التواجد الجنوبي الحاكم على الأرض يمكن للمسار السياسي أن يستفيد منه في تعزيز موقفه على طاولة المفاوضات.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك