عبدالستار سيف الشميري

عبدالستار سيف الشميري

تابعنى على

إيران والسعي إلى السودان

Saturday 13 May 2023 الساعة 06:12 pm

مهاد..

السودان كان محط اهتمام النظام الإيراني منذ عقود، حيث ظل يبحث ويلهث عن ثغرة ما يعبر منها ويبسط ذراعية بالوصيد.

إيران هي المستثمر الأكبر في أزمات منطقتنا على كثرتها وكل محنة تمر بها بلد ما.. تراها إيران منحة جاد بها القدر وما عليها سوى التقاط تلك السوانح والفرص.

المبتدأ..

حاولت إيران إيجاد مساحة من النفوذ في السودان في فترات تاريخية متعددة، أبرزها حين تولى عمر البشير الحكم عام 1989.

 كانت بعض الشعارات التي رفعتها جماعات دينية وحركات ثورية نسخة من الشعارات الإيرانية النمطية على شاكلة شعارات العداء لأمريكا والغرب وإسرائيل.

لكن الأمر الأكثر خطورة هو الاتفاق الاستخباراتي بين إيران والسودان في التسعينيات وما بعد العام 2000، حيث تكفلت إيران بالمدد المالي الذي تجاوز 30 مليون دولار. 

كما وفرت أسلحة إيرانية وصينية قدرت بما يقارب نصف مليار دولار ووفرت تدريب وخبرات وأرسلت 2000 خبير وضابط وصف من الحرس الثوري فيما عرف بدعم الدفاع الشعبي في محاولة لاستنساخ تجربة قوات الباسيج الإيرانية.

الخبر..

الدول العربية تدرك أن أي فراغ في السودان سوف يملأ من إيران وجماعات العنف المختلفة التي يحتضنها النظام الإيراني أو تعمل لصالحه.

كان تصريح الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، لافتا في حديثه عن السودان، حيث أكد على أهمية مراقبة الأداء الإيراني في المنطقة، وهو تعبير عن احتمالات ومعلومات أن إيران مهرولة إلى سد الفراغات في السودان كما حصل في صنعاء مع بداية العام 2013 والذي تطور إلى الانقلاب الحوثي بعد عام كما ورد في بعض معلومات لمراكز دراسات عن دور سليماني وفيلق القدس المبكر في اليمن ما قبل الانقلاب والتحضير له واستغلال ذوبان أجهزة الدولة والفراغ الأمني والإحلال السريع لها من قبل المليشيات الحوثية بإيعاز إيراني.

الجملة..

نشطت إيران مبكرا في السودان بلافتات مختلفة، لكنها واجهت صعوبات كثيرة في تحقيق هدفها في مستواه الأعلى، لكنها نجحت في اختراق السودان بقدر ينذر بالخطر حتما.

دشنت إيران بعض مصانع الدواء ثم سلسلة مصانع اليرموك للصواريخ والعتاد العسكري التي قصفت إسرائيل فرعه الرئيسي في العام 2012.

ويشكل مخزون اليورانيوم في السودان أحد الدوافع الإيرانية للتواجد في السودان. 

كما أن موقع السودان المهم يشكل هدفا آخر. 

ولذا فإن إيران ترى السودان هي البلد الأسهل للاصطياد حاليا مع انشغال مخالبه بمحاربة بعضها.

 ولدى إيران قدرات وتجارب ماثلة في التسرب إلى أي بلد عربي بسهولة من خلال مناشط ثقافية وإنسانية وعسكرية. 

يكفي أن نشير أن لدى إيران أكثر من مائة مؤسسة ورابطة في ولايات السودان المختلفة منها سبع مكتبات ومراكز كبرى.

كما أن لها ارتباطا مع بعض طرق الصوفية السودانية ومركز ثقافي إيراني نوعي في الخرطوم وجمعية ومكتبة الإمام جعفر الصادق وعدد من المراكز التعليمية وعدد ليس بقليل من المدارس المختلفة كمدرسة الحسين ومؤسسة الإمام علي  ومدرسة الزهراء ومعهد الإمام علي للقراءات.

وتحتضن كل تلك المدارس والمؤسسات والمراكز وبعض المكتبات أنشطة تبشيرية بالخمينية وحسينيات.

 كل تلك المؤسسات تم تأسيسها خلال فترة ثلاثين عاما إبان حكم الإخوان وعمر البشير للسودان وكانت تلاقي غض الطرف عن أعمالها وعدم مراقبة أنشطتها.

وقد تم استخدام الورقة الخدمية غطاء لهذا النشاط المحموم، حيث ظلت الأنشطة تعمل بأريحية تامة ولم يغلق منها سوى مؤسسة واحدة إثر خلاف مع إحدى مؤسسات الدولة السودانية وقيل إنها عادت إلى سابق نشاطها لاحقا.

ولا شك أن ما خفي من الأنشطة أكثر مما يرى.

ولذا فإن تعزيز التواجد عسكريا لن يكون بعيدا ولا صعب المنال.

على سبيل الختم:

كل ما سبق بالإضافة إلى تقارير تحدثت في سنوات سابقة عن نشاط سري للحرس الثوري الإيراني في السودان، يؤكد قطعا أن هناك رغبة جموحه أن تنزع إيران بلدا خامسا من جسد الوطن العربي.

قد يقول قائل إن مهمة إيران لبسط نفوذها في السودان لن تكون سهلة كما حصل في اليمن، ولكن هذا الافتراض ليس صوابا بالجملة وأمر كهذا ليس ببعيد لا سيما في وضع صعب تعيشه معظم دول المنطقة وانكبابها في أزماتها الداخلية الاقتصادية أو الأمنية.

 وقد نصحو على مفاجأة كان الجميع يراها مستبعدة ما لم يتم إحاطة السودان بدور وطوق عربي حامي وعادل وشفاف.