محمد العلائي

محمد العلائي

تابعنى على

عصبية "التشيُّع" وتداعيات "الفتنة الكبرى"

Thursday 16 February 2023 الساعة 07:09 pm

في التعامل مع ما تسمى بـ"الفتنة الكبرى" التي بدأت بمقتل عثمان، يميل السُنَّة إلى وقف التنازع حول تلك الأحداث ورجالها، عبر تسوية أخلاقية يوافق السُنِّي من خلالها على أن كلا الطرفين، معسكر علي ومعسكر معاوية، فضلاء وصالحون كونهم عاصروا النبي محمد وشهدوا ميلاد الإسلام. 

وليس من قبيل الصدفة تسمية التراث السنّي للعام الهجري الذي قام فيه الحسن بن علي بن أبي طالب بمبايعة معاوية بـ"عام الجماعة".

الشيعة على العكس من ذلك، موقفهم التاريخي من الأحداث يقوم على رفض تلك التسوية رفضاً قاطعاً، فهي من وجهة نظرهم جائرة ومنافية للعدل والحق الإلهي الذي يتمحور فقط حول علي بن أبي طالب وذريته من الحسن والحسين.

وبقي هذا الموقف من بين المحدِّدات الرئيسية لماهية الشيعي.

مع مرور الوقت، أصبح "التشيُّع" مرادف للتجريد والتعصُّب والانشقاق النفسي والمعرفي عن المجرى العام الفعلي لتاريخ الجماعة الإسلامية. 

هذا التطرف النظري في المذهب الشيعي، كما يقول العروي، هذا الاتساق في المواقف "كان باستمرار عامل قوة على المستوى الفكري (الايديولوجي) وعامل ضعف وتخاذل على على المستوى العملي"، (السنة والإصلاح، ص131).

وفي المقابل، أصبح "التَسنُّن" مرادفا للمواءمة النفسية والمعرفية مع الواقع، أي مع الممكن والمعقول، وتحويل السوابق الناجحة إلى قواعد للعمل والاستمرار.

يبدو لي أن "الفتنة" اصطلاح ينتمي في الأصل إلى القاموس السياسي والتاريخي السُنِّي، فهو ينطوي على قيمة وصفية محايدة أخلاقياً ومعرفياً.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك