محمد عبدالرحمن
استمرارية ثورة 26 سبتمبر في مواجهة الكهنوت الإمامي
تعيش المناطق الشمالية التي تسيطر عليها المليشيات الإيرانية "الحوثية الإرهابية" أجواء سبتمبرية مخنوقة بسياط الرهبة الإيرانية، أجواء شعبية ثورية منحصرة في همس المقايل وكتابات الفضاء الإلكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن هذه الكتابات حذرة من الوقوع تحت تأثير الرقابة الحوثية التي ترصد كل حرف وكلمة حول ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، لأنها تعتبر تلك الكتابات حرباً ضد الإمامية الجديدة في يوم سيطرتها على صنعاء وإسقاط ونهب دولة اليمنيين وجمهوريتهم.
ليس بالأمر المستغرب أن تكون الحوثية الإرهابية في تخوف دائم ومستمر من بقاء جذوة ثورة 26 سبتمبر متقدة في قلوب الناس، على الرغم من الضخ الإعلامي الكبير في محاولة تشويه صورة ثورة اليمنيين في وجدانهم، وطمس معالم الجمهورية التي تم إرساء أول مداميكها في العام 1962م، مع سقوط الملكية الإمامية البغيضة في اليمن، حيث أن الحوثية الإرهابية تنظر إلى أن بقاء الناس متعلقة بالحنين إلى أيام الجمهورية السبتمبرية ينقض محاولات تأسيس الغمامية الجديدة في صنعاء، ويهز من أركان المشروع الإيراني في اليمن، ومن هذا المنطلق تحارب الحوثية الإرهابية فكرة إحياء يوم اليمنيين السبتمبري.
هناك أزمة كبيرة تعيشها الحوثية الإرهابية في المناطق الشمالية، أزمة هوية وثقة، بحيث تجد نفسها في معزل عن الناس، على الرغم أن هناك ضغطا كبيرا بمختلف الوسائل والإمكانيات لجلب الناس إلى صفوف الإمامة الجديدة، بالترغيب عبر المال، أو بالترهيب بالفصل من الوظائف أو منع خدمة مثل تعبئة إسطوانة غاز، في حال عزف الناس عن تلبية دعوة الحوثية الإرهابية لتأييد أو حضور أو تفاعل في أي مناسبة أو احتفال يتعلق بهذه الجماعة الإرهابية وبالمشروع الإيراني.
تدرك الحوثية الإرهابية أن اليمنيين ليس بالسهولة أن يتخلوا عن الجمهورية والثورة السبتمبرية، وليس بالسهولة أن يقبلوا بالعودة إلى الحكم الإمامي الكهنوتي، وليس بالسهولة أن يتم فرض المشروع الإيراني على حياتهم ويسيطر على تفاصيل معيشتهم، وليس بالسهولة أن يستسلم اليمنيون لفكرة الولاية والتخلي عن الديمقراطية وصناديق الاقتراع كوسيلة حضارية لتداول السلطة، ولذلك تكرس كل جهودها في وأد فكرة وقيم الجمهورية والتقليل من شأن ثورة 26 سبتمبر بمختلف الإمكانيات وبشتى الوسائل.
صحيح أن صنعاء وأغلب مناطق الشمال تحت الحكم الإمامي الكهنوتي والذي يديره المشروع الإيراني، إلا أن الناس لم يرضخوا بعد، ولا تزال الثورة والجمهورية كفكرة تمارس فاعليتها في مختلف التفاعلات الاجتماعية، لا تزال فكرة التمسك بالجمهورية والحرية متجذرة في الوجدان، فقط الناس بحكم الواقع المفروض عليها بقوة السلاح تنتظر الفرصة لاستعادة الثورة والجمهورية على الواقع، وتحويلها من فكرة علقت في الوجدان إلى واقع يستعيد وهج الحرية والديمقراطية.
احتفالات الناس عبر الكتابة أو الحديث أو الأناشيد الوطنية التي تحتفي بثورة السادس والعشرين من سبتمبر، هو نوع من الثورة السبتمبرية الجديدة في مواجهة الكهنوت الجديد، هي نوع من المقاومة للإمامة والمشروع الإيراني، وأن الثورة لا بد لها أن تنجح وخاصة أن هناك جناحا عسكريا يرابط في الجبهات يعتنق العقيدة الجمهورية والحرية كسلاح معنوي يقاوم من خلاله ويدافع عن أهداف الثورة وقيم الشعب.
صنعاء تحت نير الإمامة الجديدة، لكن وهج الثورة والجمهورية ينبئ أن الشعب سينتصر وأن قيم السلام والحرية ستنتصر، ومهما حاولت الإمامية الكهنوتية أن تمرر من خلال هذه الأحداث والأزمات والحروب وفقر الناس والمجاعات مشاريعها الإيرانية لتدجين الجيل الجديد بأفكار تناقض روح ثورة 26 سبتمبر، فإنها حتماً ستفشل ولن يكتب لها النصر، وهذا وعد الرجال ووعد الدماء الطاهرة التي أروت كل قيم ومبادئ الجمهورية وأرست نظام التعايش بسلام بين كل فئات المجتمع اليمني.