قد نرفض نظاما توافقيا سيئا لصالح نظام تلفيقي أسوأ، وقد نرفض النظام التلفيقي الأسوأ. لصالح نظام كهنوتي أسوأ منه ألف مرة، وقد نرفض نظاما كهنوتيا بالغ السوء. لصالح نظام كهنوتي آخر. لا يقل سوءا عنه.
قيمة المعارضة والرفض.. لا تكمن في سوء النظام القائم. بل بأفضلية النظام البديل.. ثورة 2011 كانت بلا أهداف ولا بدائل.. وقد نسفت التراكمات المدنية المؤسساتية للدولة والجمهورية، ومكنت الإمامة العائدة من الانقلاب على الدولة. وحولت اليمن إلى جحيم..
غالبية القوى اليمنية. اليوم. ومنذ سنوات. متفقة على رفض نظام الجماعة الحوثية.. ومقاومتها. والعمل على إسقاطها. لكنها غير متفقة على البديل في حال تمكنت من إسقاط هذا النظام الكهنوتي.!
قد يقول أحدهم: البديل هو النظام التوافقي الذي تبلورت محدداته وملامحه خلال مؤتمر الحوار الوطني.. هذا خطاب ديماجوجي.
الجماعة الحوثية شاركت في هذا المؤتمر. وطرحت رؤية "علمانية". ثم انقلبت على الإجماع الوطني. وفرضت على الجميع أسوأ نظام ظلامي في تاريخ اليمن.
ما الذي يمنع قوى دينية مسلحة كثيرة متلبسة برداء الشرعية من أن تفعل المثل في حال انتصرت؟!
لا شيء.. وهذه النقطة ليست ترفا خياليا يتعلق بما سيكون عليه الأمر في حال سقط النظام الحوثي. بل بكيان وأداء الشرعية والقوى المناهضة للحوثي منذ بداية المقاومة المسلحة.
تمكنت القاعدة في بعض المناطق المحررة. وتمكن الإخوان في مناطق أخرى منها. وفرضت سلطات الأمر الواقع التابعة لهما نظاما أقرب للتوحش ولا يقل سوءا عن ما فرضته السلطات الحوثية في المناطق غير المحررة.
هذه النقطة تتعلق بشخصية "الشرعية" أمام الشعب اليمني والمجتمع الدولي. السبب في أن "المقاومة لم تنتصر حتى الآن. هو أن جزءا كبيرا من اليمنيين والعالم يرون "الشرعية" مأوى للإرهاب. ولدعاة الخلافة. من السلفيين والإخوان والقاعدة وداعش.!
المؤمل من الإدارة الجديدة للشرعية. أخذ هذه النقطة بالغة الأهمية في الاعتبار. من خلال بناء الجيش. وتوحيد كيانه وعقيدته. وإزاحة الميليشيات المسلحة التابعة لمراكز القوى التقليدية. وفرض حضور الدولة ومؤسساتها في كل شبر من المناطق المحررة.
هذه الخطوة ستغير الرؤية والمواقف من الشرعية لدى طرفين لرؤيتهما ومواقفهما من الشرعية أهمية مصيرية:
الطرف الأول: الشعب اليمني خاصة في المناطق غير المحررة. غالبيتهم لا ترى فرقا مهما بين النظام الحوثي المفروض عليهم والنظام الشرعجي المفروض في كثير من المناطق المحررة.
الطرف الثاني: المجتمع الدولي. كل ما يهم هذا المجتمع هو عدم تمكن نظام يدعم الإرهاب في اليمن.
هذا فضلا عن رؤية ومواقف الجماعة الحوثية من الشرعية. من شأن هذه الإصلاحات جعل "الشرعية" -بخلاف حالتها الرخوة الاستجدائية الراهنة- أقوى سياسيا وعسكريا. وقادرة على فرض نفسها وشروطها من خلال السلاح أو المفاوضات.