محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

"صنعاء" حشود من أجل مباراة.. هل يتعلم الحوثي الدرس؟

Tuesday 31 May 2022 الساعة 10:00 am

بشكل يثبت لكل العالم أن المجتمع في الشمال لا يزال يتوق للحياة بشكلها الطبيعي، خرجت الجماهير الرياضية إلى كل المنتزهات والكافيهات في صنعاء وبقية المدن الرئيسية التي تسيطر عليها مليشيات الحوثي، وكذلك الميادين مثل ملعب نادي وحدة صنعاء الذي احتشد فيه الكثير لمتابعة نهائي دوري أبطال أوروبا، احتشاد الناس من أجل الرياضة والاستمتاع بمشاهدة مباريات كرة القدم هي رسالة قوية لجماعة الحوثي، فهل يمكن أن يتعلم الحوثي هذا الدرس من الناس..!

الحوثي وهو يشاهد ازدحام المنتزهات والكافيهات وبعض الميادين من أجل مشاهدة مباراة كرة قدم، سوف يدرك أن كل الضغوط والممارسات التي يتخذها لإجبار هؤلاء الناس للاستماع إلى خطبه ومحاضراته المملة والمكررة غير كافٍ، حيث إن الحضور الإجباري والقسري لا يحقق نتيجة له من ناحية الإقناع للأغلبية، فهو عندما يشاهد استمتاع الناس بالحياة سوف يدرك ايضاً أنه لم يتمكن بعد من إخضاع المجتمع بشكل مطلق للانصياع له بشكل كامل.

النفور من محاضرات وخطب الحوثي هو شيء طبيعي يقوم به الناس الذين يرون فيها تدجينا للعبودية وتقسيما للمجتمع وفرزه في فئات طائفية ومناطقية، ولذلك لا يستجيبون لسماعها ولا لحضورها من خلال دورات ثقافية تنفذها جماعة الحوثي، وتستجيب تلك الجموع من الناس لكل نداءات الحياة وما يرافقها من استمتاع بها، مثل مباراة كرة القدم أو الاحتفاليات والرقص والبهجة في الأطر الثقافية والاجتماعية لهم.

تعبت الناس من الحرب ومن تداعياتها المدمرة عليهم، ضجرت الناس من النهب والبطش الذي تمارسه جماعة الحوثي الإرهابية، ومن التنصل والفساد الذي أصاب الشرعية، الناس لم تعد ترى في جماعات الحرب وخاصة تلك الدينية إلا موبقات تستبقي الحرب من أجل أن تقتات منها وتنمو من خلالها وتتمدد عبرها وتكبر فيها وتتغلغل فيها، هذه الجماعات التي تصطف إلى جوار حائط العدِاء للحياة والاستمتاع بها، والعمل على سرقة جمالية الحياة من بين أيدي الناس وأفواههم ومخيلاتهم، فتعمل على إدخال الخراب والوجع والألم إلى كل بيت وقلب.

الناس ترى في الحرب موتا وهلاكا، وتنظر إلى جماعة الحوثي وكلاء للشيطان يسوق قطار الهدم والتخريب ويسلبهم الحياة عنوة وتحت راية الإسلام وآل محمد، أُرهقت الناس ولم تتعب الحوثية الإرهابية، ولم تتعلم الدروس من الصمود المجتمعي من أجل البقاء في الحياة وحبها والقيام بتنفيذ كل ما يجعل للحياة بقاء يواجه الخراب والموت والكراهية التي تنشرها الحوثية بين المجتمع.

خرجت الناس من أجل الحياة لا بالقوة ولا بممارسة الضغوط النفسية، كما يفعل الحوثي، لأن الناس تريد الحرية، والحوثي يريد لها العبودية، لأن الناس تريد العيش، والحوثي يريد لها الموت، لأن الناس تريد السلام، والحوثي يريد لها الحرب والخراب، لأن الناس تريد نهاية للحرب، والحوثي يريد لها أن تطول ليبقى ويستمر من خلالها، تريد الناس أن تبعث برسالة إلى الحوثي من خلال تجمعاتها الكبيرة في المنتزهات والكافيهات والميادين لمشاهدة المباريات وحضور الأعراس وكل ما يدعو للفرح، ويريد الحوثي أن يحول تلك الرسالة إلى تجمعات عزاء وبكاء وندب، وحشود تهتف له بالولاء والخضوع.

في النهاية إرادة الشعب وما يريده الشعب هي التي سوف تطمر إرادة الحوثية الإرهابية، والحياة سوف تطغى على حروب الحوثي وتنهيها وتحتفل كل المدن بعودة الحياة وانحسار موجة الظلام الحوثية الطارئة على المجتمع، وإن الله على ذلك قادر وشهيد.