يدفع خطاب الانتقالي بالمعركة لتحرير الشمال وهو خطاب مسؤول يؤكد أيضا على جاهزيته للمشاركة في حرب استعادة صنعاء كالتزام وموقف أصيل يرفض ترك مساحة نفوذ لتمدد الحرس الثوري في المنطقة.
في المقابل تنشغل نخب الشمال وقواه السياسية بالحديث عن ضرورة تمكين رشاد العليمي من تحويل عدن إلى عاصمة يقتصر التواجد الأمني فيها على قوات تأتمر بقرار قائد المجلس للرئاسي وهو ما يعيد العليمي إلى موقعه السابق وزيرا للداخلية ومنظرا للانتشار الأمني.
لا يزال الحنين إلى مركزية القرار وواحديته جاثما على تفكير كثير من القوى والمكونات التي تعيش زمن الدولة المركزية التي تخلى عنها حتى الحوثي ووزع النفوذ والسلطة بين قيادات المليشيا رغم قدرته على تجسيد الحكم المركزي بصرامته في مناطق سيطرته.
وإذا كانت مؤسسة الرئاسة قد اعيد تشكيلها في مجلس قيادة رئاسي فإن المسؤولية والقرار والقيادة لم يعد حكرا على رئيس مجلس القيادة وإن خصه قرار التشكيل بصلاحيات كثيرة وحصرية لذلك تبقى الدعوات إلى تمكينه من المشهد الأمني في عدن تشتيتا لمهامه الرئيسة المتمثلة في استعادة صنعاء سلما أو حربا.
منذ تحريرها قبل 7 أعوام تمثل عدن عاصمة للحرب ضد الحوثيين وانقلابهم ولم تتخل عن تقديم المساندة للشمال وليست بدايات تشكل المقاومة الوطنية على تراب عدن وتحولها لاحقا خط إمداد لقوات الساحل الغربي وحتى قوات محور تعز بل شكلت عدن المنفذ والملاذ والحاضن الأصيل لكل من اختار مواجهة المليشيات الحوثية.
تحتاج عدن اليوم إلى التفاتة وفاء من القيادة الجديدة لإنهاء معاناة السكان جراء تردي الخدمات الأساسية بدلا من البحث عن كيفية السيطرة على عدن وإدارتها أمنيا بقوات جديدة من خارجها لأن ما ينتظره الناس هو إدارة المعركة من عدن وليس السعي لاختزال كل الطموح في إدارة عدن.
المرحلة تتطلب التوجه إلى مكامن الخلل التي صنعت الهزائم المتتالية ومكنت المليشيات الحوثية من تحقيق اختراقات ميدانية خطيرة أوصلتها إلى مشارف مدينة مأرب وليس إعادة تدوير خطاب اجتياح عدن ولكن بلغة مختلفة.
وإذا كانت هناك ترتيبات متفق عليها مع قيادة المجلس الانتقالي فإنها ستتم وبالطريقه المناسبة والزمان المحدد دون تحويل ذلك إلى ابتزاز للشارع الجنوبي وقيادته.