د. صادق القاضي
البردّوني".. وهدف حوثي جديد في شِباك الشرعية!
إثر وفاته في (30 أغسطس 1999م) ذكر المقربون من الشاعر اليمني الكبير "عبد الله البردوني" أنه ترك أعمالاً شعرية وسردية ونقدية وفي مواضيع أخرى، أهمها ديوانان شعريان هما:
- رحلة ابن من شاب قرناها.
- العشق على مرافئ القمر.
حسب بعض أولئك المقربين فهذان الديوانان يتضمنان معظم نتاج البردوني الشعري غير المطبوع، وقد كانا من ضمن ثلاث مخطوطات منسوخة ومجهزة للطبع، قبل وفاة البردوني، واختفت كلها من صندوقه الخشبي ليلة وفاته.
تبين لاحقاً أن هذين الديوانين موجودان في حوزة كثير من الأشخاص والجهات، لكن لم يسمح لهما بالطباعة طوال السنوات والعقود الماضية، في ظل الانتظار الطويل والشوق العام لهما في الأوساط الأدبية والثقافة اليمنية.
مؤخراً. وفي محاولة ذكية لاختراق هذه الأوساط، قامت الجماعة الحوثية صاحبة سلطة الأمر الواقع في صنعاء، بما يفترض أنه جمع هذين الديوانين للبردوني، وإصدارهما مطبوعين في عمل واحد، يحمل العنوانين.
قوبلت هذه المبادرة الحوثية، التي لم يعرف بعدُ مدى مهنيتها والتزامها بالقيم العلمية، بانتقادات واسعة من قبل بعض المثقفين والنقاد، وحتى بعض المقربين من وزارة الثقافة التي هي بالمناسبة الجهة المسئولة في إخفاء هذين الديوانين منذ سنوات طويلة سابقة.
أنكر بعضهم حتى أنهما كانا في حوزة وزارة الثقافة، وللدقة والأمانة أريد أن أؤكد هنا على بعض النقاط ذات العلاقة:
في مقدمة الأعمال الشعرية الكاملة للبردوني، طبعة صنعاء عاصمة الثقافة 2004. ورد بقلم خالد الرويشان، وزير الثقافة الأسبق أن هذين الديوانين كانا قد أصبحا في حوزة الوزارة وجاهزين للطبع عندما قامت وزارته بإصدار هذه الطبعة التي تضم 12 ديواناً، لكنه أرجأ طباعتهما كي يأخذا حقهما من الاحتفاء ثم يتم طباعتهما في الطبعات اللاحقة.!
لاحقاً، وخلال حفل عام لوزارة الثقافة في عهد الوزير "عوبل". حضره بعض أقرباء الشاعر وغطته وسائل الإعلام، تم الإعلان عن كون هذين الديوانين قد أصبحا في حوزة وزارة الثقافة التي تكفلت بطباعتهما حينها 2012م.
من جهته ثالثة. صرح "علوان الجيلاني" أحد المسئولين في اتحاد الأدباء اليمنيين، أن "مؤسسة العفيف الثقافية" كانت على وشك طباعة الديوانين، وأنه تكفل شخصياً بمراجعتهما، غير أن الأستاذ "أحمد جابر عفيف" صاحب المؤسسة تلقى تهديداً شديد اللهجة من جهة مجهولة بإغلاق المؤسسة إذا فكر بطباعة الديوانين.!
ثمّ هناك أكثر من شخص يملك نسخاً مصورة من هذين الديوانين، بالشكل الذي يفسر تسريب بعض من قصائدهما ونشرها في الملاحق الأدبية: حيث بإشراف الشاعر "عبد المجيد التركي" تفرد الملحق الثقافي لصحيفة "اليمن اليوم" بنشر قصيدة "ابن من شاب قرناها" لأول مرة، كما يقوم الشاعر محمد القعود بين فترة وأخرى بنشر قصائد لم تنشر سابقاً للبردوني، في ملحق "الثورة الثقافي".
في كل حال يبدو من هذه القصائد القليلة المسربة أن ديوان "العشق في مرافئ القمر"، بمثابة كشكول لقصائد قديمة حرمت من الطبع لسبب أو لآخر، ربما من أجل طباعتها في ديوان مستقل، كما يبدو من القصيدة المسربة من ديوان "ابن من شاب قرناها" والتي تحمل نفس العنوان، كونه من الأعمال الأحدث للشاعر، ولأن عادة البردوني في عنونة دواوينه بعناوين أهم قصائدها، يمكن القول إن هذه القصيدة أهم قصائد الديوان.
أما في ما يتعلق بموقف وزارة الثقافة التابعة للشرعية، من طباعة الجماعة الحوثية لهذين الديوانين، فهو مؤسف، والأفضل منه لو قامت هذه الوزارة بإصدار طبعة محققة بشكل مهني لهما، ثم المبادرة بطباعة بقية الأعمال غير المطبوعة للبردوني، وهي كثيرة، قبل أن تقوم الجماعة الحوثية بطباعتها، وتسجيل المزيد من الأهداف لصالحها على حساب حكومة الشرعية.