جلال محمد

جلال محمد

الحوثيون.. بين أوهام السيادة وكراهية المجتمع لهم

Thursday 24 May 2018 الساعة 03:21 pm

استطاع 9 برلمانيين، بينهم نائب رئيس المجلس، المغادرة والخروج من صنعاء المسجونة، إلى عدن والقاهرة، سبقهم في ذلك مئات السياسيين والمثقفين والصحفيين، ولو قُدر لغالبية سكان صنعاء لفروا منها هاربين، فصنعاء لم تعد تلك التي عرفوها وعشقوها.

امتازت العاصمة صنعاء، على مرّ العصور، باحتوائها لمختلف المذاهب والآراء وتعايش سكانها بحب وإخاء وتسامح، فاستحقت أن تهفو إليها قلوب اليمنيين شرقاً و غرباً وشمالاً وجنوباً، إلا أنها في ظل وباء الحوثي، لم تعد كما كانت، فقد توشحت بالخوف وتملكها فكر واحد ولون واحد، نهبت فيها الحقوق، واُنتُهكت فيها الحرمات، وسادها منطق عدم القبول بالآخر، وصبغها الحوثيون بلغة التخوين مستبيحين دم ومال كل من يعارض أو ينتقد مشروعهم الإمامي السلالي.

فأعمال العنف والتهديدات بالسجن والتعذيب والاغتيال وكل طرق الترهيب التي طالت عدداً كبيراً من ساسة وتجار ومثقفي صنعاء دفعتهم مجبرين لمغادرتها، فصنعاء لم يعد فيها خيار سوى العيش في خنوع ومذلة وتبعية مقيتة للنهج الحوثي المنحرف أو تواجه الاعتقال والابتزاز والقتل.

تعيش العاصمة أسوأ مراحلها، فنفاق الحوثي خلق انفصاماً لدى ساكنيها، يتحدث زعيم الحوثيين وقادة جماعته في الإعلام عن الحرية والتعايش والتسامح، ويطبقون الفواحش كلها على أرض الواقع. أذل الحوثي موظفي الدولة وجوعهم وحط من مكانتهم، منتهكاً لمؤسسات الدولة ومدمراً لها، متوقعاً أنه بهذه الأعمال قد روض اليمنيين على الخنوع والمذلة.

فيا ترى هل سأل الحوثيون أنفسهم، لماذا يهجر اليمنيون بلادهم ويفرون من عاصمتهم؟! 
لماذا تزداد كراهية المجتمع لهم كل لحظة؟
وهل يعتقدون أن تصرفاتهم و غطرستهم تصب في مصلحة الوطن ونسيجه الاجتماعي؟!

لو كان بهم عقل أو رجل عاقل لنصحهم وردهم عن غيهم ، ولكن هذه الجماعة المشدودة للماضي والمتمسكة بترهات وشعوذات لا أساس لها، لا يمكن أن تفكر فيما هو سوي، فهم يؤمنون بمن تنبأ لهم أنهم سيحررون فلسطين ويحكمون العالم، غافلين عن حقيقة واضحة جلية وهي أنهم "مكروهون ولم يطقهم حتى أبناء أحيائهم السكنية؟!".

كان عليهم أن يفهموا أنّ اليمنيين لا يقبلون بالضّيم ولن يقبلوا أن تُهان كرامتهم، ومن يتمادى في إهانة كرامة أبناء اليمن اليوم، فستدور الدائرة عليه، وسيندم على كل عمل أحمق مارسه ضد أبناء اليمن وهو في نشوة انتصاره المزعوم، والأيام القادمة ستكشف ما نقول.