البن اليافعي يكافح للصمود عبر مشروع "من القات إلى البن"

الجنوب - Monday 26 February 2024 الساعة 09:53 am
لحج، نيوزيمن، محيي الدين الصبيحي:

تشتهر منطقة يافع، شمال محافظة لحج منذ القدم بزراعة البُنِّ، ولجودة مذاقه ونكهته المتميزة يعد اليوم من أجود وأشهر أنواع البن الوطني ويتصدر أنواع البن اليمني. مما جعل الكثير من التجار يتسابقون لشرائه محلياً وخارجياً، حيث يحظى بإقبال كبير وصار منافسًا قَويًّا، وعلامة بارزة للجودة.

وتعود بدايات زراعة البن اليافعي إلى القرن الثالث عشر الميلادي، إذ تنتشر زراعته في مناطق عدة من ابرزها وادي العياسي وحمومه وخيران وتلب والحنشي والصعيد والمفلحي وشعب العرب؛ بيد أن البن اليافعي شهد خلال السنوات الأخيرة تراجعاً كبيراً. ووصل التراجع إلى مستويات متدنية وأصبح لا يتعدى 10 أطنان مقابل 60 طنا في السابق.

عدد من خبراء الزراعة أعادوا هذا التراجع في إنتاج محصول البن اليافعي، إلى جملة من العوامل تأتي في مقدمتها موجة الجفاف التي ضربت مناطق مديريات يافع؛ وهجرة الكثير من الأيادي العاملة في المنطقة إلى دول الخارج، ناهيك عن توجه المزارعين إلى زراعة القات بديلا من شجرة البن للحصول على عائد اقتصادي أفضل.

خلال الأشهر القليلة الماضية، برز مشروع متميز يهدف إلى استعادة مكانة البن اليافعي، من خلال تشجيع المزارعين وتقديم لهم الدعم من أجل توسيع زراعة هذا المحصول الذي يميز يافع ويجعلها الأولى بين أفضل المناطق اليمنية التي تنتج هذا المحصول بجودة ونكهة فريدة.

المشروع تقوده مؤسسة يافع للتنمية، ويأتي تحت شعار "من القات إلى البن"، ويرتكز على تشجيع المزارعين للعودة إلى زراعة محصول البن. وحظي المشروع خلال الأشهر الماضية باستجابة كبيرة من قبل الكثير من المزارعين الذين قاموا باقتلاع أشجار القات وزراعة أشجار البن بدلاً عنها.

يقول رئيس مؤسسة يافع للتنمية، الأستاذ خالد الحصني في حديثه لـ"نيوزيمن": إن مشروع "من القات إلى البن" في مراحله النهائية، بعد تسليم الخزانات للمزارعين الذين تم إشراكهم في دورة تدريبية استمرت 20 يوما. موضحاً أن هناك استجابة وحماسا من قبل المزارعين في المناطق التي بدأ فيها تنفيذ المشروع وهي مديريتا يهر ولبعوس. وتم توزيع الأصول بين خزانات وحراثات صغيرة وشتلات في وادي العياسي ووادي قطي.

وأضاف الحصني إنه من ضمن الخطط دعم المزارعين والمحافظة على الموجود، حيث أن هناك شراكة مع وزارة الزراعة والري ممثلة بمعالي الوزير سالم بن عبدالله السقطري، بإنشاء 10 مشاتل في مديريات يافع خاصة بأشجار البن، تم إنجاز خمسة مشاتل والمتبقي خمسة أخرى سيتم إنجازه في المرحلة الثانية للتوسعة بزرع أكبر عدد ممكن من شجرة البن.

وقال: تم توزيع الكثير من الشتلات على المزارعين قبل شهرين من عملية مشروع تدريب للمزارعين على طريقة الخط الاستثماري وكذلك توزيع خزانات وحراثات وهناك خطط مع الوزارة ومع المنظمات والصناديق لدعم المزارعين وبعض الشركات والبنوك لهذا الغرض.

ويزرع البن اليافعي كشتلات على جوانب الأودية والجبال، حيث درجات الحرارة والرطوبة والتربة ملائمة لإنبات أشجاره بالشكل المثالي، والأرض التي يزرع فيها هي (جلول) يبنيها الفلاحون بنقل التربة من الوادي ووضعها في شكل مدرجات زراعية.

وتمتاز يافع بعدة أصناف من البن، بينها "بن العيسائي" وهو الأشهر والسائد في أودية المنطقة، ويمتاز بأنه منتظم في إنتاجه، وذو إنتاجية عالية وغزارة وقوة في النمو، ويتمز أيضا بطول أشجاره التي تصل إلى 4 أمتار. أما الصنف الثاني فهو "بن الطسوي"، وهذا البن يمتاز بأنه أسطواني الشكل وأشجاره طويلة تصل إلى نحو 6 أمتار، وهو يشابه إلى حد كبير "البن المطري" الذي يزرع في مناطق جبلية شمال اليمن.

أما الصنف الثالث فهو "البن القطي" ويتميز بأن أشجاره متوسطة، وثماره كبيرة ومتطاولة، أما الصنف الرابع فهو "البن الحمومي" وهو يشبه "البن العديني"، ويمتاز هذا النوع بعدم الانتظام في الإنتاج وأشجاره متعددة الرؤوس وهي أكثر طولاً من البن العيسائي ويمتاز بثمار صغيرة ودائرية.

وتحاول مؤسسة يافع للتنمية أن تعيد إحياء هذا الموروث الزراعي القديم الذي ميز المنطقة على مدى سنوات طويلة، وسعت المؤسسة إلى إكساب المزارعين الجدد الخبرات الكافية التي استخدمها الآباء والأجداد للحفاظ على هذا المحصول وجودته.

وكانت وزارة الزراعة والري اليمنية وضعت خلال الفترة الماضية استراتيجية مخصصة لتنمية إنتاج محصول البن وتحسين جودته ورفع صادراته. تهدف الاستراتيجية إلى زيادة المساحات المزروعة بالبن ورفع إنتاجيتها من 20 ألف حالياً إلى نحو 50 ألف طن بحلول العام 2025. وكذا توجيه البحوث نحو هذا المحصول لتحقيق أعلى إنتاجية، والحفاظ على جودة المنتج بخلاف تحسين طرق التصدير، وزيادة الكميات المصدرة، بالتالي زيادة العملة الصعبة لفائدة الاقتصاد الوطني.

تشمل الاستراتيجية إنتاج وزراعة 13 مليون شتلة، بهدف زيادة المساحة المزروعة إلى 43 ألف هكتار، كما سترتفع الصادرات من ثلاثة آلاف طن إلى 40 ألفاً و441 طناً.