فن الصيد التقليدي.. رحلة "الرُبيدي" وعالم البحر والأسماك في فقم
الجنوب - Friday 16 February 2024 الساعة 09:16 amوسط أصوات النورس وأجنحته المتراقصة، يتأمل الصياد "الرُبيدي" في أفق "فقم" البحرية ويستمع لصوت الأمواج وهي تلامس الشاطئ برقة وهدوء، ترتفع قبضته وهو يُفند ببراعة شبكة صيده المحتوية على أسماك "العربي"، التي تعكس خبرته الطويلة في مجال الصيد والغوص.
الصياد الستيني ياسين ناجي عوض الرُبيدي، من منطقة فقم بمديرية البريقة بالعاصمة عدن، يعد أحد أبرز وأمهر الصيادين والغواصين، يتحمل الصعاب والتحديات، فهو يدرك تمامًا أن البحر يكتنز في أعماقه أسرارًا لا تُكشف إلا للشجعان. ثم يستعد لخوض تحدٍ جديد، حيث ينغمس في مياه البحر الشفافة بسرعة ويبدأ رحلته الغوصية المثيرة.
وبينما ينغمس الرُبيدي في عمق البحر، يتراقص الضوء شعاعًا ليعكس الألوان الزاهية لعالمٍ ساحر مليئ بالحياة. يتحرك بحذر وترقب، مستعينًا بخبرته وتقنياته المتقنة لاصطياد أسماك "العربي"، هذه الكائنات البحرية الرائعة التي تعيش في أعماق البحر وتتحدى الظروف القاسية للبقاء على قيد الحياة.
يعتمد ياسين على طريقة فن الصيد التقليدي، حيث لا يملك قاربًا خاصًا به للصيد. يسبح في المياه العميقة للوصول إلى مناطق الأسماك، ومن ثم يستخدم الشباك لالتقاطها.
ويعتبر فن الصيد التقليدي ممارسة قديمة ومتوارثة يقوم فيها الصيادون بصيد الأسماك والكائنات البحرية باستخدام تقنيات وأدوات تقليدية وبسيطة. يعتمد هذا النوع من الصيد على المهارات الشخصية والخبرة العملية التي يكتسبها الصيادون عبر الأجيال.
يتميز فن الصيد التقليدي بتكامله مع الطبيعة واحترامه لتوازن النظام البيئي. فالصيادون الذين يمارسون هذا الفن يعتمدون على الملاحظة الدقيقة لطبيعة المحيط وتجاوبه مع الأسماك والمخلوقات البحرية. يستخدمون الأدوات المناسبة ويطبقون تقنيات خاصة للتعامل مع الشباك والصنارة والمصيدة.
يشتمل فن الصيد التقليدي على مجموعة متنوعة من التقنيات والأدوات، مثل الشباك والصنارة والمصيدة والمسترجعة والمطارق الخشبية وغيرها. يتم استخدام هذه الأدوات ببراعة ومهارة للقبض على الأسماك بطرق تقليدية وفعالة.
ما يميز ياسين هو قدرته على صيد أنواع مختلفة من الأسماك، رغم افتقاره لقارب الصيد، ويقول لـ"نيوزيمن"، إنه يصطاد بكثرة يدويًا سمك "العربي" المشهورة بأنها تُقدم على وجبة الغذاء في "المخبازة" وهي وجبة معدة من السمك المشوي الخاص للشواء، الخبز، السحاوق، المرق والحلبة مع الشاي الأحمر العدني.
يعتبر هذا النوع من الأسماك ذا قيمة عالية ويطلبه العديد من التجار وأصحاب المطاعم. بينما يقوم ياسين بتسويق صيده اليومي سواء في حراج سمكي قريب من الشاطئ أو بيعه في سوق السمك الخاص بالبريقة، فيما يبيع السمكة الواحدة ب500 ريال يمني ويعتبر إنجازًا كبيرًا في ظل الظروف الاقتصادية والاجواء البحرية الصعبة التي يواجهها الصيادون.
وناشد الرُبيدي منظمات المجتمع المدني المهتمة بالمشاريع وسُبل العيش لتوفير قارب صيد وعدة متكاملة لتمكنه من الاصطياد بأريحية أكثر بعد أن تخطى عمره الستين ليستمر في إعالة أسرته.
تعكس قصة ياسين ناجي عوض قدرة الإنسان على التكيف والتغلب على الصعاب، وتعزز قيمة العمل الشاق والإصرار. ينبغي على المجتمع أن يكرم ويدعم الأشخاص مثل ياسين الذين يجتازون التحديات ويسعون جاهدين لتحقيق أحلامهم وتوفير لقمة العيش لأسرهم.
قد يكون دعم المجتمع والجهات المعنية لهؤلاء الصيادين الشجعان أمرًا ضروريًا لتوفير الفرص والموارد التي تساعدهم على تحقيق استدامة مهنتهم.