7 آلاف قتيل وآلاف المجندين.. الحوثي يقود أطفال اليمن إلى محارق الموت

السياسية - Tuesday 13 February 2024 الساعة 06:55 pm
الحديدة، نيوزيمن:

لا تزال اليمن من أكثر بؤر الصراع في العالم التي تشهد عمليات تجنيد واسعة للأطفال واستخدامهم كوقود حرب من قبل مليشيا الحوثي، ذراع إيران في اليمن، التي تمارس جرائم حرب بحق هذه الشريحة الضعيفة.

وهذا العام يأتي الاحتفال باليوم العالمي لمناهضة استخدام الأطفال كجنود في النزاعات المسلحة، الذي يصادف 12 فبراير من كل عام، في وقت تشهد فيه اليمن عمليات تجنيد هي الأوسع التي تستهدف الأطفال منذ اندلاع الحرب الدائرة في البلد منذ 2014.

الكثير من التقارير الحقوقية المحلية والدولية أكدت أن الميليشيات الحوثية، ومنذ اندلاع الأحداث في غزة، كثفت من عمليات التجنيد في صفوف المواطنين خصوصا من الأطفال. وقامت بفتح معسكرات عامة لاستقبال المقاتلين الجدد وإخضاعهم لتدريبات عسكرية مكثفة ودورات ثقافية ودينية متطرفة تروج للإرهاب والتطرف.

كما أن الغارات الجوية الأمريكية والبريطانية المستمرة ضد الجماعة في اليمن أدت إلى زيادة الدعم المحلي للحوثيين، ما عزز قدرة الحوثيين على تجنيد الأطفال. 

توسيع التجنيد

في العاشر من أكتوبر الماضي؛ أطل زعيم المليشيات الحوثية ذراع لإيران، عبدالملك الحوثي، بخطاب متلفز دعا فيه المواطنين في مناطق سيطرته إلى التجنيد واستعداداً للدفاع عن فلسطين ونصرة أبناء غزة، رداً على الجرائم البشعة التي ترتكب على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي.

كان الخطاب بمثابة توجيه بإطلاق حملات تجنيد واسعة في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات؛ وحشد أكبر قدر من المقاتلين بهدف تعزيز مواقعهم العسكرية في جبهات داخلية بعيداً عما يجري في فلسطين أو غزة التي يتم استغلالها من قبل القيادات الحوثية البارزة لتحقيق أجندتهم في اليمن.

وتمكنت الميليشيات فعلياً من تجنيد آلاف المواطنين منذ خطاب زعيم الحوثيين، حتى إن المعسكرات الحوثية استقبلت أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم 13 عاماً. حيث تستغل القيادات الحوثية ما يجري لأطفال غزة من قتل وتشريد في استقطاب الكثير من أطفال اليمن للزج بهم في أتون حرب عبثية داخل اليمن.

وقالت نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش: "يستغل الحوثيون القضية الفلسطينية لتجنيد المزيد من الأطفال من أجل قتالهم الداخلي في اليمن. ينبغي للحوثيين استثمار الموارد في توفير الاحتياجات الأساسية للأطفال في مناطق سيطرتهم، مثل التعليم الجيد والغذاء والمياه، بدل استبدال طفولتهم بالنزاع".

وأكدت منظمة "هيومن" أن الحوثيين يقولون إنهم جندوا الآلاف في قواتهم المسلحة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ويفيد نشطاء أن الجماعة المسلحة تجند أطفالا لا تتجاوز أعمار بعضهم 13 عاما. تجنيد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما هو جريمة حرب.

وبحسب تصريحات قيادات حوثية، أسهمت المعسكرات التي تم إنشاؤها خلال الأشهر الماضية تحت اسم نصر غزة في تخريج الكثير من الدفعات التي تطوع فيها عشرات الآلاف من المواطنين بينهم شباب وأطفال. وقالوا إنه على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، تم تجنيد أكثر من 70 ألف مقاتل جديد، بما يشمل محافظات ذمار، وحجة، والحديدة، وصنعاء، وصعدة، وعمران.

ويؤكد الكثير من النشطاء الحقوقيين في تلك المحافظات أن الغالبية العظمى من المجندين تتراوح أعمارهم بين 13 و25 عاما، بما في ذلك مئات أو آلاف على الأقل أعمارهم تقلّ عن 18 عاما. 

7 آلاف قتيل

منذ بدء النزاع في اليمن العام 2014، جندت الميليشيات الحوثية الآلاف من الأطفال واستخدمتهم كمقاتلين في جبهات القتال أو في أعمال عسكرية خطيرة بينها زراعة الألغام والعبوات الناسفة والاستطلاع. 

وكشفت إحصائية صادرة عن منظمة ميون لحقوق الإنسان، منظمة غير حكومية، عن مقتل أكثر من 7 آلاف طفل في اليمن عقب استخدامهم كجنود في النزاع المسلح الذي يشهده البلد منذ عام 2014.

وأوضحت المنظمة، في بيان نشرته بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة استخدام الأطفال كجنود في النزاعات المسلحة، 12 فبراير، أن فرق الرصد وثقت مقتل 7,020 طفلا تم استخدامهم كجنود منذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2014 وحتى نهاية 2023، مشيرة إلى أن 7 آلاف طفل من إجمالي العدد قتلوا جراء تجنيدهم من قبل الميليشيات الحوثية وإرسالهم لجبهات القتال. في حين تتحمل القوات الحكومية المعترف بها دوليا مسؤولية مقتل 20 طفلا.

وأكدت المنظمة الحقوقية أن جماعة الحوثي تعد الطرف الأكثر تجنيدا للأطفال وفق تقارير المنظمة الصادرة خلال الفترة الماضية، ولم تظهر الجماعة -حتى اليوم- أي التزام بخطة العمل التي أبرمتها مع منظمة اليونيسف في أبريل 2022 وتعهدت بموجبها بإيقاف تجنيد الأطفال والكشف عن المجندين منهم في صفوفها وتسريحهم، وفي الوقت نفسه لم يصدر عن الأمم المتحدة تقييم رسمي مكتوب يكشف مستوى التنفيذ. 

وحثت منظمة ميون جميع الأطراف في اليمن لا سيما جماعة الحوثي على وقف تجنيد الأطفال فورا وتسريح المجندين من هم دون السن القانونية وتنفيذ خطط العمل الأممية وعدم اتخاذها واجهة تجميلية لتنفيذ مزيد من الانتهاكات بحق الأطفال.

قائمة سوداء 

في كل عام منذ 2011، تدرج الأمم المتحدة الحوثيين في القائمة السنوية للجماعات المسؤولة عن الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في النزاعات المسلحة. إلى جانب إدراجهم ضمن قائمة تجنيد الأطفال واستخدامهم كجنود، ومنذ العام 2016 أدرجهم أيضا على القائمة بسبب قتل الأطفال وتشويههم والهجمات على المدارس والمستشفيات.

في العام 2022، وقّع الحوثيون خطة عمل مع الأمم المتحدة ترمي إلى إنهاء الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال، بما في ذلك تجنيد الأطفال واستخدامهم في قوات الحوثيين، والالتزام بتسريح جميع الأطفال من قواتهم في غضون ستة أشهر. وبالرغم توقيعها للخطة الأممية لا تزال الجماعة تقوم بعمليات تجنيد مضاعفة للأطفال إلى جانب الكثير من الممارسات والجرائم بحق الطفولة في مناطق سيطرتها.

من خلال استغلال المؤسسات الرسمية، بما فيها المدارس، تمكن الحوثيون من الاستفادة من مجموعة واسعة من الأطفال. كما أفاد الأمين العام للأمم المتحدة باستخدام الحوثيين المرافق التعليمية لأغراض عسكرية.

وقال رئيس منظمة "سام" توفيق الحميدي لـ هيومن رايتس ووتش، إن الحوثيين يستخدمون مؤسساتهم الحكومية في جهودهم لتجنيد الأطفال، بما في ذلك وزارات التعليم، والداخلية، والدفاع. وقال: "جميعهم يعملون معا وينسّقون لتعبئة الأطفال وتجنيدهم".

ويؤكد النشطاء الحقوقيون في صنعاء، أن أنشطة التجنيد الحوثية تصاعدت بشكل لافت في المدارس زادت بشكل كبير منذ 7 أكتوبر، بما في ذلك من خلال الكشافة المدرسية. حيث يتم أخذ الطلاب من المدارس إلى مراكز ومواقع حوثية وإخضاعهم لمحاضرات ثقافية تتركز على الجهاد وحرب اليهود وإسرائيل وأميركا، تمهيدا لإرسالهم إلى معسكرات تابعة لهم والخطوط الأمامية.

وفي العام 2023، أفاد فريق الخبراء الأممي أيضا بأن معظم الانتهاكات المتعلقة بتجنيد الأطفال التي حقق فيها الفريق تُعزى إلى الحوثيين الذين يواصلون تجنيد الأطفال واستخدامهم، خاصة في المعسكرات الصيفية.

الغذاء مقابل التجنيد

كما وثّقت هيومن رايتس ووتش استخدام الحوثيين المساعدات الإنسانية التي تمسّ الحاجة إليها لتجنيد الرجال والأطفال في قواتهم. يحتاج 21.6 مليون شخص على الأقل في اليمن، حوالي ثلثَي السكان، إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، ويكافح 80% من سكان البلاد لتوفير الغذاء والحصول على الخدمات الأساسية وفقا لـ"صندوق الأمم المتحدة للسكان".

وقالت ناشطة حقوقية في صنعاء: "في حين أن السبب الرئيسي وراء قيام الأسر بإرسال أطفالها هو موقفها الداعم للقضية الفلسطينية، فإن الحوثيين يقدمون الرواتب والسلال الغذائية إلى أسر الراغبين في الانضمام إليهم، وهي "طريقة ناجحة" في ظل تدهور الوضع الإنساني والاقتصادي".

وقالت امرأة أخرى تعمل على قضايا تجنيد الأطفال في اليمن إن الحوثيين قدموا مؤخرا سلالا غذائية إلى أسرة كل جندي في قريتها. في تقرير صادر عنهم في 2023، وثق "فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن" أيضا هذا التوزيع للسلال الغذائية.

يفرض الحوثيون قيودا وأنظمة غير ضرورية على إيصال وتوزيع المساعدات الإنسانية، وهو ما يرقى إلى مستوى عرقلة المساعدات الإنسانية. كما منعوا المساعدات من دخول مدينة تعز، التي يحاصرونها منذ العام 2015، وقيّدوا حركة النساء، ما منع العديد من عمال الإغاثة الإنسانية من القيام بعملهم.

وقالت الباحثة في منظمة هيومن رايتس ووتش جعفرنيا: "مستقبل اليمن يعتمد على أطفاله. يثبت الحوثيون أن المستقبل الوحيد الذي يرونه للبلاد هو أن يكون هدف الجميع القتال من أجل قضية هذه الجماعة".