"ختم قراءة صحيح البخاري".. عادة دينية أصيلة في مساجد الحديدة التاريخية

المخا تهامة - Friday 09 February 2024 الساعة 10:18 am
الحديدة، نيوزيمن، خاص:

تعد "قراءة صحيح البخاري" من الشعائر الدينية المتوارثة منذ القدم في الكثير من المساجد التاريخية في اليمن؛ لا سيما مساجد محافظة الحديدة التي تحرص على إقامتها من أجل تلمس الخير والبركة. وتختلف مواعد هذه الشعيرة الدينية من محافظة إلى أخرى، بعض المساجد تبدأ إقامتها في شهر ربيع ثاني والبعض الآخر في جمادي أول، وتختتم في شهري رجب أو شعبان.

ومن المساجد التاريخية التي لا تزال تحافظ على إقامة هذه الفعالية كل عام، جامع الأشاعرة التاريخي في مدينة زبيد، وتحظى هذه المناسبة بمشاركة واسعة من المواطنين طالبي العلم والدين في المنطقة، كونها عادة أصيلة تميز المدينة في هذه الأشهر الفضيلة.

ويكون يوم "ختم قراءة البخاري في جامع الأشاعرة" مناسبة فرائحيه لجميع المواطنين، ويحضرها كبار العلماء في زبيد إلى جانب شخصيات دينية واجتماعية من مختلف مناطق تهامة. ويكون للعطر والبخور حضور خاص، إلى جانب توزيع الحلوى والقهوة، في مشاهد روحانية تليق بالمناسبة.

الصغار والكبار يتداعون إلى مجالس الختم، وسط فرحة عارمة تسكن النفوس، فالآباء يصطحبون أطفالهم لتعليمهم الأحاديث النبوية والتعاليم الدينية السمحاء. كما أن الالتزام والمواظبة على إحياء المناسبة تعد رسالة بأهمية التمسك بهذه الشعائر والحفاظ على إقامتها والاستفادة من كل ما يتم قراءته في "صحيح البخاري" الذي يمثل منهجا نبويا أصيلا. 

كما يجري في الكثير من ختائم هذه الفعالية تكريم الطلاب الذين تدارسوا القراءة الحديثية.

وأضحت قراءة البخاري سُنّة لا تتوقف في الجوامع والمساجد والمدارس الإسلامية والزوايا والتكايا والأربطة الإسلامية والمنازل العلمية التي تعود لمشايخ علم مشهورين. وارتبطت بها عادات وتقاليد وشعائر في يوم الافتتاح والختم. وتكتظ الجوامع والمساجد بالناس بعد الفجر، فهو بمثابة عيد في المنطقة أثناء الافتتاح، وتقام الولائم لله تعالى.

وتبدأ القراءة على شكل حلقات وبالترتيب من اليمين إلى اليسار وبالقراءة بالسند الصحيح الموصل إلى البخاري. وتتخلل القراءة مناقشات علمية وتكون أحيانا حادة وتدق فيها اللطائف والرقائق والدقائق الفقهية والحديثية، وأغلب العلوم. ويناوب الحاضرون على القراءة بشكل دوري، لتعمق صلتهم بسيد الخلق وسنته، يعلمون ذلك لكل طالب علم ووافد وزائر ويجيزون روايته عنهم بأسانيد حافظوا عليها منذ ذلك الزمن حتى يوم الناس.

ويؤكد الكثير من المشاركين في هذه الفعالية الدينية أنها تسهم في تنقية الروح والقلب، ويأتي إقامتها في هذه الأشهر تمهيداً لاستقبال شهر رمضان المبارك بروحانية وقلب نظيف خال من الحقد والكراهية. فمناسبة قراءة صحيح البخاري تطهر الروح وتدفع الإنسان للانشغال بذكر الله وسيرة نبيه المصطفى التي تعد منهجاً للحياة الصحيحة.

يقول المؤرخ الدكتور عبدالودود مقشر، ارتبط أهل اليمن ومنهم تهامة بالسُنّة النبوية وكتب الحديث الجامعة لأقوال رسول الله وأفعاله وصفاته، ومن هذا الارتباط؛ سنوا سُنة حسنة منذ القرن الرابع الهجري، ووجدت هذه القراءة منذ القرن الخامس الهجري بالعاصمة اليمنية التاريخية (زبيد - تهامة اليمن) ثم انتقلت إلى أغلب بقاع اليمن، ومنها إلى العالم العربي والإسلامي، ولا تزال سارية حتى اليوم.