انقلاب عسكري بالنيجر والرئيس المحتجز يتمسك ب"الديمقراطية"

العالم - Thursday 27 July 2023 الساعة 04:31 pm
نيوزيمن، وكالات:

أعلن عسكريون مساء الأربعاء، أنهم أطاحوا نظام الرئيس النيجري محمد بازوم، في بيان تلاه أحدهم عبر التلفزيون الوطني في نيامي، باسم "المجلس الوطني لحماية الوطن"، وفق ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال الكولونيل ميجور أمادو عبد الرحمن محوطاً بتسعة جنود آخرين يرتدون الزي الرسمي: "نحن، قوات الدفاع والأمن، المجتمعين في المجلس الوطني لحماية الوطن، قررنا وضع حد للنظام الذي تعرفونه على إثر استمرار تدهور الوضع الأمني وسوء الإدارة الاقتصادية والاجتماعية".

وأشار بيان الانقلابيين العسكريين إلى "تعليق كل المؤسسات المنبثقة من الجمهورية السابعة".. موضحا أن الأمناء العموم للوزارات  سيكونون مسؤولين عن تصريف الأعمال.. بينما ستتولى قوات الدفاع والأمن إدارة الوضع في البلاد.

 وطلب من جميع الشركاء الخارجيين عدم التدخل.

إضافة إلى ذلك،  تضمن البيان الإعلان عن "إغلاق الحدود البرية والجوية حتى استقرار الوضع" و"فرض حظر تجول اعتباراً من مساء الأربعاء على كامل التراب النيجري حتى إشعار آخر".

في غضون ذلك أعلن رئيس النيجر محمد بازوم الذي يحتجزه عسكريون انقلابيون في القصر الرئاسي في العاصمة نيامي، الخميس، في رسالة عبر خدمة "اكس" المعروفة سابقاً بـ"تويتر"، أن "المكتسبات الديمقراطية ستصان".

وكتب بازوم في الرسالة التي نشرت عبر "اكس" قرابة الساعة الخامسة فجرا بتوقيت غرينتش، "ستصان المكتسبات التي حققت بعد كفاح طويل.. كل أبناء النيجر المحبين للديمقراطية والحرية سيحرصون على ذلك".

في حين رفض وزير خارجية النيجر ورئيس الحكومة بالوكالة في النيجر حسومي مسعودو الخميس، الانقلاب، مؤكداً أن حكومته تمثل "السلطات الشرعية والقانونية".

وقال خلال مقابلة مع محطة "فرانس 24"، إن "السلطة القانونية والشرعية هي التي يمارسها رئيس النيجر المنتخب محمد بازوم".. مضيفا إن بازوم "بصحة جيدة".

وكان الحرس الرئاسي الذي يقف وراء محاولة انقلاب في النيجر عمد الأربعاء، إلى تفريق متظاهرين مؤيدين للرئيس محمد بازوم في نيامي عبر إطلاق عيارات نارية تحذيرية، وفق ما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

وحصل ذلك عندما حاول المتظاهرون الاقتراب من المقر الرئاسي، حيث يحتجز الحرس بازوم، وأصيب متظاهر واحد على الأقل.

ويحتجز عناصر في الحرس الرئاسي بازوم منذ صباح الأربعاء، بعد فشل مفاوضات حول نقاط لا تزال غير معروفة.

إدانات دولية

وعلى صعيد متصل، أدان الاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) ما وصفته الجهتان بـ"محاولة الانقلاب".

كما أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "أية محاولة لتولي الحكم بالقوة"، ودعا إلى احترام الدستور النيجري، بينما أعربت الولايات المتحدة عن قلقها البالغ وطالبت بإطلاق سراح بازوم.

كما صدرت إدانات عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة للنيجر، والجزائر المجاورة.

في الأثناء توجه رئيس بنين باتريس تالون إلى النيجر للقيام بوساطة، وفق ما أعلن رئيس نيجيريا بولا أحمد تينوبو الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لـ"إيكواس".

وقال تينوبو إثر لقائه تالون في أبوجا: "سيغادر إلى هناك الآن، إنه في طريقه" إلى النيجر.

من الموالين للغرب

انتخب بازوم، الذي يعد من بين القادة الموالين للغرب الذين يتضاءل عددهم في منطقة الساحل، عام 2021 على رأس الدولة الغارقة في الفقر التي تعاني عدم الاستقرار.

وكان عناصر الحرس الرئاسي أغلقوا صباح الأربعاء، جميع المداخل إلى مقر إقامة الرئيس ومكاتبه، وبعد انهيار المحادثات "رفضوا الإفراج عن الرئيس"، وفق ما ذكر المصدر في الرئاسة.

وأضاف المصدر ذاته، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن "الجيش منحهم مهلة".

لحظة غضب

وقالت الرئاسة في رسالة نشرتها على "تويتر" الذي تغير اسمه إلى "إكس"، "انتابت لحظة غضب عناصر من الحرس الرئاسي وحاولوا من دون نجاح كسب دعم القوات المسلحة الوطنية والحرس الوطني".

وأضافت إن "الجيش والحرس الوطني على استعداد لمهاجمة عناصر الحرس الرئاسي المتورطين في لحظة الغضب هذه ما لم يعودوا بصوابهم".

 وتابعت: أن "الرئيس وعائلته بخير".

لم تكشف الرئاسة عن سبب الغضب الذي شعر به عناصر الحرس الرئاسي.

وأغلقت جميع الطرق المؤدية إلى المجمع الرئاسي في نيامي على رغم عدم وجود أي انتشار غير عادي للجيش أو أصوات إطلاق نار في المنطقة، بينما بدت حركة السير طبيعية، وفق مراسل الصحافة الفرنسية.

وأصدر الاتحاد الإفريقي و"إيكواس" بيانين منفصلين أدانا فيهما "محاولة الانقلاب".

استخدم المصدر المقرب من بازوم المصطلح ذاته في وصفه للأحداث، وأضاف إن محاولة الاستيلاء على السلطة "مصيرها الفشل".

ودعت "إيكواس" إلى إطلاق سراح بازوم فوراً ومن دون شروط، وحذرت من أن جميع المتورطين يتحملون المسؤولية عن سلامته.

وأدان الاتحاد الأوروبي على لسان مسؤول السياسة الخارجية فيه جوزيب بوريل "أية محاولة لزعزعة الديمقراطية وتهديد الاستقرار في النيجر"، مؤكداً أن التكتل ينضم إلى "إيكواس" في تنديدها بما يحصل.

شهدت الدولة الواقعة في منطقة الساحل أربع عمليات انقلاب منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960، ومحاولات عدة أخرى للاستيلاء على السلطة.

كان بازوم، وزير الداخلية سابقاً، مقرباً من الرئيس السابق محمد إيسوفو الذي تنحى طوعاً بعد ولايتين.

واعتبرت عملية تسليم السلطة التي جرت في أبريل 2021، بعد الانتخابات التي فاز فيها بازوم عقب جولتين في مواجهة الرئيس السابق محمد عثمان أول انتقال سلمي للسلطة في النيجر منذ الاستقلال.

شبح الانقلابات

لكن بقي شبح ماضي النيجر المضطرب يطاردها، فوقعت محاولة انقلاب قبل أيام فقط من تنصيب بازوم في أبريل 2021، وفق ما ذكر مصدر أمني حينذاك.

وحكم على خمسة أشخاص بينهم غوروزا بالسجن 20 عاماً في فبراير، بينما تمت تبرئة سيس.

ووقعت محاولة ثانية لإطاحة بازوم في مارس  هذا العام، "بينما كان الرئيس في تركيا"، بحسب مسؤول نيجري أكد توقيف شخص، ولم تعلق السلطات علناً قط على الحادثة.

تشكل الصحراء ثلثي مساحة النيجر الواقعة في قلب منطقة الساحل القاحلة في غرب إفريقيا، وتحتل مرتبة متأخرة على مؤشر التنمية البشرية التابع للأمم المتحدة.

ويبلغ تعداد الدولة الإفريقية 22,4 مليون نسمة، وهو عدد يرتفع بشكل متسارع نظراً إلى بلوغ معدل الولادات سبعة أطفال لكل امرأة.

تعاني البلاد تحرك نشط للخلايا الإرهابية، الأول في الجنوب الغربي تنفذه عناصر قدمت من مالي المجاورة عام 2015، والآخر في الجنوب الشرقي ينفذه تكفيريون مقرهم شمال شرقي نيجيريا.

وفر مئات الآلاف من منازلهم، مما تسبب في أزمة إنسانية وفاقم الضغط على الاقتصاد.

دعم غربي

وتلقى الجيش النيجري تدريبات ودعماً لوجيستياً من الولايات المتحدة وفرنسا، علماً أن للدولتين قواعد عسكرية في البلاد.

وأصبحت النيجر العام الماضي مركزاً للعمليات الفرنسية لمكافحة الإرهاب في الساحل، التي أعيد النظر فيها بعد أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو إثر الخلافات السياسية مع البلدين.

واستعانت مالي بمجموعة المرتزقة الروسية "فاغنر" بحسب دول غربية.