الخياطون.. مهنة موسمية تقاوم من أجل البقاء

إقتصاد - Friday 09 June 2023 الساعة 08:17 am
لحج، نيوزيمن، محيي الدين الصبيحي:

غادر محبوب سيف قاعات الدراسة مع اندلاع الحرب العبثية التي تقودها مليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، لكي يلتحق بمهنة الخياطة في مديرية حيس بمحافظة الحديدة، غربي البلاد. 

ضعف العمل في هذه المهنة الموسمية دفع سيف للتنقل بين العديد من محال الخياطة في المخا ومدينة تعز قبل أن يستقر بفتح محل خاص به في قلب منطقة الشقيرا المركز الإداري لمديرية الوازعية غربي محافظة تعز. 

يقف محبوب في الصباح الباكر وحيدا أمام بوابة محل دار الأزياء للخياطة، لاحتساء كوب من الشاي، في ظل ركود نشاط مهنة الخياطة التي تصاب بالشلل الكامل إلا في مواسم رمضان والأعياد. كان المحال يعج بالعاملين في مواسم العمل، إلا سيف يعود وحيدا في محله في باقي فترات السنة.

يقول محبوب لـ"نيوزيمن": إن رمضان وبين العيدين هي الفترة الذهبية لعمال هذه المهنة التي ينتظر أصحابها هذه الأوقات بفارغ الصبر من أجل الحصول على المردود الأفضل. حيث تزدهر هذه المهنة في هذه الأشهر وهو ما يتطلب استقطاب مزيد من العمال لتغطية النقص في فئة العاملين فيما تنحسر هذه المهنة في غيرها من الأشهر.

ويتابع محبوب حديثه: لم تعد المهنة مربحة عما كانت عليه قبل الحرب، اليوم أصبحت أقوم تسديد إيجار المحال بقيمة تصل إلى 800 ألف ريال يمني سنوياً، ناهيك عن الالتزامات الأخرى وما يواجهها من اختلاف الصرف بين مناطق صنعاء وعدن وغلاء القماش المستورد، وهو ما يبدد جهود العمل.

انعدام فرص العمل

"المهنة لقتل الفراغ ولم تعد مربحة".. هكذا بدأ الشاب مطيع علي، العامل في مجال الخياطة، حديثه لـ"نيوزيمن"، مضيفاً: التحقت بالمهنة في بداية الأمر كان بحثاً عن شيء أسد به وقت فراغي، لانعدام فرص العمل، وتحولت مع الأيام إلى مهنة رئيسة لي خاصة مع صعوبة الحصول على فرص عمل في ظل ظروف الحرب. 

وأشار إلى أن العمل يتم بنظام القطعة وبحسب إنجاز العامل، وهذا لا يكفي لأدنى المتطلبات الحياتية، فالجهد اليومي الذي يبذله العامل طيلة اليوم يبدده بين الغذاء والقات ونادرا ما يتم تلبية مطالب منزله، كون الدخل يعتمد على موسمين في العام، وأكثر العاملين بعد العيدين يبحثون عن مهن أخرى من أجل البقاء والعيش. 

أكثر المهن ازدهاراً

تعد مهنة الخياطة من أكثر المهن التي شهدت ازدهارا كبيرا في السنوات الأخيرة، حيث يعمل بها قطاع واسع من اليمنيين الذين وجدوا من المهنة متنفسا لتغطية نفقات الحياة المعيشة في ظل تفشي البطالة بسبب الحرب الحوثية العبثية.

يقول نورالدين جيلح، أحد العاملين في محل للخياطة لـ"نيوزيمن": كانت عملية استيراد الأقمشة كبيرة في ظل الاقبال الكبير من الزبائن الذين باتوا يبحثون عن التفصيلات، وفي الآونة الأخيرة أضطر الزبائن للاتجاه نحو الأقمشة المحلية وذات الجودة البسيطة، كون الأقمشة المستوردة تكلف الكثير ويرتفع سعرها في ظل تضارب العملة الأجنبية واحجام التجارة عن استيراده لضعف قدرات الناس على شرائه. 

وأضاف، يواجه الخياطون متاعب ومصاعب عدة في هذه المهنة في مقدمتها موسمية العمل، والتكاليف الباهظة لتوفير عاملين في مواسم الأعياد بشكل خاص. ناهيك عن متاعب صحية جراء الجلوس الطويل والتركيز لإنجاز العمل المتقن وهذا يسبب الكثير من الأمراض على رأسها بالبواسير، وفقدان النظر، اضف إلى الجرح في احيان عديدة نتيجة الاجهاد والتركيز. 

وتابع حديثه، أن أجور عمال الخياطة ليست ثابتة، وهي بنظام القطعة فقط، حيث يتم الاستغناء عن الكثير من العاملين في المحال المخصصة للخياطة بعد انتهاء فترة الموسم، وهذا سبب ركودا كبيرا.

ترك المهنة 

الركود الاقتصادي وأيضا ارتفاع أسعار الأقمشة الجيدة المستوردة من الخارج، وتضارب أسعار صرف العملات، دفع الكثير من العاملين إلى ترك هذه المهنة وانحسارها في الكثير من الأسواق الشعبية التي كانت تزهر بهذه المهنة.

ناصر حسن، مالك معمل خياطة، يقول إنه عمل في هذه المهنة منذ أكثر من عشر سنين، لكن ظروف الحرب أجبرته على ترك المهنة وإغلاق المعمل خاصة بعد انقطاع الكهرباء. 

وأشار إلى أن كُلفة الإنتاج أصبحت هي الأخرى سببًا في تدهور مهنة الخياطة لأن قطع الملابس المنتجة المباعة بالكاد تغطي كلفة شراء الأقمشة ومستلزمات الخياطة وأجور الخياطين وأحيانًا تكون هناك خسائر فالحرب كانت هي الكارثة الكبرى التي أدّت إلى قطع رزقي ورزق عمالي، حتى إنني قمت ببيع المكائن بسبب تراكم الديون.