فارس البيل ناعياً أحمد الشيبة: عبقرية الفن

السياسية - Thursday 29 September 2022 الساعة 05:32 pm
نيوزيمن، كتب/د. فارس البيل:

مات أحمد الشيبة

مات ولم يقل شيئاً بعد.. لكن أوتاره قالت الكثير. 

ربما كان اليمني الوحيد الذي قرر أن يصل للعالمية دون ضجيج ودونما  احتشاد.

وسرعان ما اقترب منها بسهولة واختصار..

فقط لأنه آمن بعبقرية الفن في لجم كل التقاطعات، وإخراص كل الأيديولوجيات والمواقف.. وقرر أن يعزف.. يعزف وفقط..

لكن عزفه أيضا لم يكن كغيره.. مجرد رنين فتّان.. كان يرتل التاريخ والثقافة، كما لو أنه يلقي محاضرة أكاديمية في الانثروبولجيا..

فقد أراد للموسيقى أن تعيد توحيد الثقافات وتلتقي في المشترك.. وتتحدث عن تلاقيها نغماً، إذ يدرك أن الموسيقى طريق السلام..

رأينا كيف وحد العرب وجمع تاريخهم في معزوفة واحدة، ومثلها مع باقي الحضارات والشعوب..

تراه يتفاعل مع موسيقاه كما لو أنها وحي، تلك كانت دلالة العزف ورسالته لا انبساطه بمستوى لحنه وأدائه..

التقيته في القاهرة قبل هجرته إلى أمريكا.. كان يبدو مختلفاً وهو يؤمن بالعود كما لو أنه كتاب مقدس قادر على الهداية للسلام وعوالم التعايش المطمئن..

لم يكن أحمد مجرد عازف.. كان صاحب مشروع حضاري.. مضى به برصانة دون أن يأبه لأحد.. ولم تكن موسيقاه مجرد طبقات، بل كانت حديثاً إنسانياً طروباً..  وأظنه كان سيكون صاحب منهجية جديدة في الموسيقى ومدرسة مختلفة، ستغير من واقع الموسيقى وأدوارها، ربما يتفوق على الكبار وأساطين الموسيقى في الشرق.. أقلها أنه سيخلط ألوان المجتمعات الموسيقية ويدمجها بقوالب جديدة، ليخلق منها عوالم واقعية جديدة..

لكنه الآن قد مات.. مات وطبول الحرب هي الأعلى، وأوتار الموسيقى تتمزق في صنعاء.. وسنبقى عقوداً طويلة قبل أن نحصل على عازف فيلسوف، ومهموم موسيقي، استنطق الموسيقى لتقول سياسة وثقافة وإنسانوية، لا مجرد وتريات راقصة.. 

رحيل مبكر يا أحمد..

مبكر جداً.

*من صفحة الكاتب في الفيس بوك