عُمان.. من تثبيت الحوثي شمالاً إلى دعم الإخوان جنوباً

السياسية - Saturday 27 August 2022 الساعة 09:01 am
صنعاء، نيوزيمن، جلال محمد:

من وقت مبكر من عمر الأزمة اليمنية، تخلت سلطنة عمان عن سياسة الحياد، ودخلت بقوة في المشهد السياسي كطرف ثالث داعم لمليشيا الحوثي الإرهابية إلى جانب إيران وقطر.

فخلال السنوات الماضية لعبت مسقط دور الوسيط المقبول لدى الأطراف اليمنية لا سيما الحوثيين، مستفيدة من بقائها بعيدا عن التحالف العربي، وهذا ما أكسبها قدرة أكبر للتحرك في شمال اليمن، ضمن مخطط أعد له بعناية في غرف التآمر الإقليمية الثلاثية على اليمن (طهران، الدوحة، ومسقط).

خلال سبع سنوات تمكنت إيران وقطر عبر سلطنة عمان من تثبيت بقاء الحوثي في المحافظات الشمالية، ومده بكل سبل البقاء والصمود في وجه التحالف والحكومة اليمنية، وعملت مسقط على تهريب أغلب الاحتياجات العسكرية الفتاكة أو المؤثرة للحوثيين عبر خلية سورية لبنانية إيرانية، تباشر عملها في منطقة عُمانية اسمها "المزيونة" بالقرب من الحدود العمانية - اليمنية، حيث تعمل هذه الخلية على تغيير بوليصات الشحن وشهادات المنشأ لمعدات وأسلحة إيرانية واخفائها وشحنها إلى الحوثيين بالتوافق مع خونة من العاملين في منفذ شحن الحدودي، ويشرف على عملية التهريب والتوصيل في الداخل اليمني مجموعة كبيرة ومعقدة من الشبكات جميعها تحت إدارة ورعاية الشيخ الحريزي، والذي تستخدمه المخابرات العمانية والقطرية بصورة واضحة في ضرب الشرعية والتحالف، تحاول اليوم التورط أكثر من خلال دعمها لخلايا مسلحة تعمل ضد المحافظات الجنوبية من خلال اقلاق السكينة وتمكين الإخوان من السيطرة على تلك المحافظات، ولعل الخلايا التي ضُبطت في شبوة وغيرها من المدن والمناطق الجنوبية والتي اعترفت بتلقيها دعما وتمويلا عُمانيا خير دليل على أن مسقط تنفذ مخططا متوافقا عليه مع إيران وقطر.

جسر نشط لتهريب الأسلحة الإيرانية للحوثيين

رغم النفي العماني المستمر لعمليات التهريب، وطرح الكثير من المجادلين العمانيين، سؤال: كيف يمكن لمعدات عبرت عُمان أن تصل إلى الحوثيين من المهرة إلى صنعاء، مرورًا بحضرموت ومأرب، حيث الشرعية والتحالف؟ وهو سؤال غير وجيه لمن يعرف طبيعة تشتت ومحدودية الحضور العسكري للتحالف في اليمن، وتوزيع القوى العسكرية والأمنية اليمنية المترهلة ومتعددة الولاء والمنقسمة حول نفسها في مصفوفة من النكايات وغير الخاضعة لتقييمات وقيم مهنية. ويمكن مقابله أن نضع سؤالًا آخر، هو: كيف تصل أسلحة إلى قلب أوروبا ذات النظم الأمنية الحديثة ووسائل المراقبة التقنية والمادية الكبيرة؟ بل كيف تصل المخدرات إلى كل زقاق في مدن أمريكا الكبيرة؟

في حقيقة الأمر، لا يمكن وصف الموقف العماني بالحياد. إنما بموقف متعدد الوجوه تحكمه مصالح الدولة والظرفية الجيوسياسية للصراع اليمني.

ورغم ذلك فالواقع كشف عددا من الشبكات ولعل من بينها في أغسطس من العام 2015، عندما صادرت سلطات محافظة مأرب شحنة أسلحة وذخائر كانت في طريقها إلى الحوثيين عند إحدى نقاط التفتيش التابعة لها. وفي أكتوبر من العام 2015، أعلن محافظ مأرب أن القوات العسكرية استحوذت على معدات عسكرية إيرانية (بما فيها معدات اتصال متطوّرة) في المحافظة. واستناداً إلى هذا البيان، كانت هذه الشحنة آتية براً من سلطنة عُمان. وفي نوفمبر من العام نفسه، فكّك الجيش اليمني شبكة غير رسمية متورطة في تهريب الأسلحة والمتفجرات، إضافةً إلى معدات اتصال عسكرية، دخلت عبر مرافئ المهرة، وفق ما قاله الجيش.

أما في أكتوبر من العام 2016، فأفاد مسؤولون غربيون وإيرانيون أن طهران زادت وتيرة نقل الأسلحة إلى الحوثيين، وأن معظم عمليات التهريب عبرت عُمان وحدودها مع اليمن، بما في ذلك عبر الطرقات البرية.

وتعد المواقف العمانية من الحوثيين ترجمة لعلاقتها الجيدة بإيران، فهم الذراع الوحيدة الموالية لإيران في شبه الجزيرة العربية ومنطقة الخليج العربي، وبالتالي وجودهم مسألة مهمة في الاستراتيجية الإيرانية.

كما أن تأكيد مكانة الحوثيين في اليمن يمكن أن يكون خطوة أساسية في الطريق إلى تحقيق التوازن الإقليمي في الخليج والمنطقة العربية، والذي يعني بالنسبة لعمان عدم انفراد قوة إقليمية كالسعودية بسياسات الأمن في المنطقة، وهذا لعله بند واحد من بنود عدة للتخادم الإيراني القطري العماني.