استقبال رمضان في حيس.. طقوس متوارثة تبهج أبناءها بقدوم شهر العبادة

المخا تهامة - Friday 01 April 2022 الساعة 08:24 am
حيس، نيوزيمن، خاص:

طقوس تكتسبها المناسبات ذات الطابع الديني، فلكل مناسبة لها مظاهرها التي لا تختلف كثيراً عن الجو العام في تهامة، لكن في مدينة حيس يكون لها عبقها الخاص، حيث يقبل الأهالي مع قرب حلول شهر رمضان المبارك، على شراء مادة النورة فيكسون مدينتهم بلون البياض الذي يضفي نوعاً من الجمال والبهاء.

وتبدأ استعدادات استقبال الشهر الفضيل مبكرا، يمكن القول إنها تبدأ في رجب وتستمر بشكل متقطع حتى نهاية شعبان، وذلك بحملات تنظيف المساجد ورشها بالنورة، بل يشمل ذلك البيوت والمبارز (المجالس)، ويتفقد الأهالي المقابر ويرشون النورة على القبور، بهدف تجديدها كونها تعطي زيادة النور فيها.

ويأتي الضيف الكريم، وتتلألأ المنازل والمجالس الشعبية والأماكن العامة بنوار النورة، كونها تعطي أكثر إنارة من شدة بياضها، وتشع المساجد نوراً، وتتجمل لاستقبال ضيوف الرحمن، لكن بياضها يعكس بياض قلوب أهلها، إذ تعطي النورة مظهراً خاصاً للمساجد التاريخية القديمة، والبيوت العتيقة، ذات الطابع والفن المعماري الفريد في هذه المدينة الضاربة جذورها عمق التاريخ.

كما أيضا لإضفاء شعيرة أخرى حافلة بالنور والبهجة والجمال كقيمة مضافة إلى الروحانية التي يحملها أبناء هذه المنطقة في مثل هذه المناسبة كما هو تعبير عن استقبالهم ضيوف الشهر الكريم.

 ويأتي الأهالي لزيارة أرحامهم وتفقد أهاليهم وأصدقائهم، ويتبادلون التهاني بهذه المناسبة الدينية التي تحل كل عام على الأمتين العربية والإسلامية.

ويقول الأهالي لنيوزيمن، إن غالبيتهم لا يزالون يحافظون على هذه العادة التي أصبحت طقساً لازماً ارتبط بشهر رمضان، بما يعنيه من قيمة روحانية.

وأوضحوا أن هذه المادة لها فوائد أخرى، إذ تمتص حرارة النهار، وتختزن برودة المساء في المنازل والمساجد، خصوصاً المبنية من الياجور (الطوب الأحمر)، فضلاً عن كونها مادة طاردة لحشرات البعوض، دودة الأرض التي تسمى بالأرضة، التي تعاني منها كثير من المنازل.

وفي سياق متصل، ذكر المؤرخ والباحث التهامي الأديب، عبدالجبار باجل، أن الأهالي في حيس القنا، يفضلون مادة النورة ويحرصون أن تكون مدينتهم بيضاء دائماً، مؤكداً أن الشاعر ابن أبي الحياس من شعراء قبل الإسلام، وصف حيس قائلاً (وحَيسُها القَوراءُ).

وأردف الباحث والمؤرخ باجل، قائلاً: إن هذا الوصف يعني المنطقة المتلألئة ببياض النورة، أي وكأنها مكسية بالجليد من شدة بياض مبانيها.

ويمكن القول إن لمادة النورة التي تصنع بتسخين الحجر الجيري أو ما يعرف علمياً بكربونات الكالسيوم، تكتسب أهمية شعبية عند الأهالي في حيس، لأنها تتجاوز البعد الجمالي، وتستخدم لترميم المباني الأثرية القديمة، بدلاً عن مادة الإسمنت.

واشتهرت مدينة حيس التاريخية في تصنيع مادة النورة على مدى قرون من الزمن، ويوجد في منطقة السبعة الواقعة جنوب المركز الإداري للمدينة، العشرات من المعامل المنتجة لهذه المادة، التي تستخدم للتزيين والتبييض، سواءً في المناسبات الدينية أو المناسبات الأخرى والأعراس، وامتازت حيس باستخدام هذه المادة لتزيين وتجميل المباني وتميزت أيضاً في صناعتها منذُ القدم.