منازلهم مفتوحة للزائرين.. شعبانية "الجراحي" طقوس تهامية لاستقبال رمضان

المخا تهامة - Thursday 17 March 2022 الساعة 06:35 pm
الجراحي، نيوزيمن، خاص:

تبتهج البلدات والمديريات التهامية بالعادات الحسنة المتوارثة منذُ قرون من الزمن، لا سيما، ليالي المناسبات الدينية الفضيلة، فليلة النصف من شعبان، تحتفي وتبتهج بها كافة المديريات التهامية، وهي ليلة مباركة، للتسامح وتهيئة النفوس لاستقبال الشهر الكريم، ومن مظاهر الاحتفال فيها، صيام أيام الثالث والرابع والخامس عشر من شهر شعبان.

مديرية الجراحي جنوبي الحديدة، واحدة من المدن اليمنية التهامية، تحتفي بهذه المناسبة التي تسمى، بالشعبانية، ويطلق عليها محلياً اسم "ليلة البهجة" ويبتهج الأهالي بهذه الليلة، ويكتظ السوق بالباعة والأهالي والزائرين وتعرض كافة الملابس والأواني وكأنهم مقبلون على يوم عيد، فمظاهر البهجة فيها تشبه كثيراً تلك التي ترافق عيدي الفطر والأضحى مع بعض الفروق.

وتبدأ الترتيبات وتجهيزات المنازل والمبارز الشعبية استعداداً لاستقبال الضيوف، ويترقب الأطفال هذه المناسبة بشغف كبير، وتفتح منازل الجراحي أبوابها لكافة الضيوف الزائرين، وتقام الولائم والمآدب، وتحرص كل أسرة على إقامة وجبة العشاء لضيوف المناسبة من الأقارب والأصدقاء ويتم تبادل التهاني والتسامح بين الأهل والأقارب والأصدقاء، ويرتدي الكل الملابس الجديدة وتجتمع الأسر لتناول الإفطار والعشاء، بل يعود مغتربون خصيصاً لعيشوا هذه المناسبة الفضيلة بين أهاليهم.

وهي عادات وتقاليد للمناسبات والطقوس الدينية التي لا تزال سارية إلى اليوم، ويتمسك الأهالي بإحيائها ويتمسكون بها رغم التحديات المعيشية وما يشهده الوطن من تداعيات الحرب التي أشعلتها المليشيات الحوثية في البلاد على اليمن واليمنيين منذُ 2014م.

وتبدأ ليلة الشعبانية من مغرب يوم الرابع عشر إلى فجر يوم الخامس عشر من شعبان، ويتسامر الجميع في المبارز، حتى يحل الفجر، ويحيها الأهالي بالذكر والدعاء وقراءة الموالد النبوية، التي يغلب عليها الذكر والمديح، ويكثر فيها الصلاة على رسول الله، عليه أفضل التحايا وأزكى التسليم، وبعضهم يستمع إلى الغناء والتوشيح اليمني الذي يتناول حادثة هذه المناسبة، كل عند مضيفه، ويكون للعود والبخور حضوره الخاص.

وعقب صلاة الفجر يتجه الجميع صغاراً وكباراً بالآلاف نحو مضمار واسع خارج المدينة، في مشهد كرنفالي كبير يليق بالمناسبة ليشهدوا السباق بالخيل، وتقام فعاليات ثقافية وفلكلورية للمهرجان، فيما تسمى بالتصبيحة، وبعد السباق والمنافسة بالخيول، يصاحب كرنفال يتمثل في مصاحبة الطبول حيث تؤدى جميع الرقصات الشعبية التهامية.

وعلى نغمات الخلول والقصبة، كرقصة الحقفة، المحنجل، لعبة الجل السيوف، العنيبي، الشرجي، اليماني، الرزحة، الشنب، والقفز على الجمال، وتعد هذه من المأثورات الشعبية التهامية المتأصلة جذورها في نفوس المجتمع تعبيراً عن ابتهاجهم وفرحتهم، وعلى هذا الأساس يمكن القول إن مهرجان الجراحي السنوي التقليدي يعتبر الأول في الجمهورية اليمنية لأنة يقام منذ أكثر من سبعمائة سنة وحتى الآن.

يتمسك الأهالي في تهامة ومناطقها بإقامة هذه العادات الحسنة والمتوارثة منذُ القدم، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية، حيث يحييها الأهالي في بيوتهم ومجالسهم الخاصة، متمسكين بإحيائها رغم القيود التي فرضتها المليشيات في مناطق سيطرتها، بعيداً عن المناسبات الطائفية الحوثية التي تحمل فكراً منحرفاً لا تتناسب مع عادات وتقاليد المجتمع السوي.

وكان في هذه الليلة، تحول القبلة من بيت المقدس إلى بيت اللّٰه الحرام الكعبة المشرفة، ويحتفل المسلمون بهذه المناسبة احتفاء عظيماً، حيث أيد الله نبيه المصطفى وحقق رغبة أصحابه وخذل اليهود الذين كانوا يشتركون مع المسلمين في التوجه إلى بيت المقدس، وقد تعدد نوع هذا الاحتفال واختلف من بلد إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى، واعتبر المسلمون تلك الليلة عيداً وانتصاراً للإسلام والمسلمين.