ياسر العواضي.. "معتصم زمانه"

تقارير - Sunday 21 November 2021 الساعة 10:08 am
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

صدمة واسعة وأسى بالغ تعيشها الساحة السياسية والإعلامية في اليمن لرحيل القيادي المؤتمري والنائب في البرلمان الشيخ ياسر أحمد سالم العواضي، وإجماع عام على ما تمتع به الفقيد من مهارة سياسية وسجايا إنسانية وموروث قبلي وهم وطني مكنته جميعها من نسج علاقات واسعة وكسب حلفاء من خارج حزبه، كصاحب تجربة سياسية فريدة رحل قبل أوانه. 

وفي هذا السياق يرى المذيع التلفزيوني والإعلامي أنور العنسي، في "فقدان شابٍ مثل ياسر العواضي، الذي وُلِد (رجُلاً) هو فقدانٌ لبعض آخر ما بقيَ في الوطن من الرجال، وبقيَ الوطن فيهم".

وقال في منشور طويل على فيس بوك، "عرفت ياسر منذ طفولته عندما كان والده محافظاً لمحافظة ذمار، وأدركت منذ ذلك الحين أن هذا الفتى الخارج من صُلبِ رجلٍ جمهوريٍ صَلبٍ سيتجاوز بذكائه غير الاعتيادي في عمره آنذاك كل مشائخ آل عواض الأبطال والشعراء".

مشيرا إلى أن الفقيد "سرعان ما استطاع نسج علاقة صداقةٍ وعملٍ خاصة مع رئيس البلاد الراحل علي عبدالله صالح ليس على أساس من علاقة الأخير بوالده، ولكن على خلفية ما وجده صالح في شخص ياسر من الألْمَعِيَّة، والنباهة، والرأي السديد". 

ويعتقد أنور العنسي أن ياسر العواضي "نضج كثيراً خلال السنوات القليلة الأخيرة، وذلك بعد خسارة حليفه صالح للسلطة ثم للحياة أيضاً، وزاد إدراكه أكثر لعبثية الأقدار، وخيانات بعض القبائل وألاعيب السياسة، وخذلان الكثير من الناس.".

منوهاً إلى أن الفقيد "كان لديه الكثير مما يمكن أن يفعله لخدمة وطنه، فانتهت تجربته قبل أن تكتمل لكن عزاءه أنه اكتمل رغم رحيله المبكر بموقف سياسي وطنيٍ واضحٍ، شجاعٍ وشفاف".

المسئول بحكومة الرئيس هادي القاضي حمود الهتار قال من جانبه في منشور تعزية لإخوان الفقيد وأقاربه: "كان فارسا مؤتمريا وسياسيا محنكا وصوتا برلمانيا قويا ومرجعا قبليا كبيرا"، ووصف الفقيد الشيخ ياسر العواضي بـ"كريم الاخلاق حسن التعامل حاد الذكاء".

وفي إشارة إلى موقفه من إغاثة السيدة جهاد الأصبحي اعتبر الناشط السياسي عبدالناصر المملوح، أن الشجاعة هي أن ترفع سلاحك في وجه الكهنوت الحوثي لرفع الظلم وانت تعلم يقينا التبعات الكارثية عليك نتيجة عدم تكافؤ القوة، مضيفا: "هذا هو الشيخ ياسر العواضي.. رحمة الله تغشاه"، معتبراً رحيله خسارة للحياة السياسية والقبيلة اليمنية ولقبائل البيضاء خاصة.

وفي تغريدة على (تويتر) يرى رئيس الحكومة المعترف بها دوليا، معين عبدالملك، أن الشيخ ياسر العواضي عرف مخلصا لمبادئه، وشيخا قبليا وقف إلى جوار أهله ووطنه، وفعل ما بوسعه لمواجهة الجرائم الحوثية، "وشاءت الأقدار أن يغادرنا في وقت كانت البلاد بحاجة لمثله".

القيادي في حزب المؤتمر عبدالحفيظ النهاري، يرى من جانبه انه برحيل ياسر العواضي "رحلت قامة يمانية وطنية مؤتمرية باسقة، وعلم من أعلام اليمن وواجهاتها السياسية والبرلمانية والاجتماعية"، مشيراً إلى أن الفقيد، حفر خلال عمره الصغير تجربةً فذةً وأنموذجاً فريداً في الشجاعةِ والحكمةِ والدرايةِ والوطنية.

وقال "تحمّلَ قلبُك الكبير هموماً بحجم الوطن، لكنه لم يتحمل القهر الذي يطالُ الرجالَ"، واضاف النهاري "ستظلُ حياً في قلوبنا وستبقى سيرتك نبراساً يضيئ دروب نضالنا القادمة".

إلى ذلك يصف النائب في البرلمان والقيادي في الحزب الاشتراكي عيدروس نصر النقيب، الفقيد ياسر العواضي بالشخصية الديناميكية المتفاعلة "وغالبا تميز بالشجاعة والصراحة"، مشيراً في مقال صحافي له إلى أن الفقيد وبرغم الاختلاف معه "لم يتخلَّ عن روحه الإنسانية وعلاقاته النبيلة مع رفاقه وزملائه من المناصرين والمخالفين".

وقال: "كان موقف الفقيد مميزاً في العام 2020م إزاء الاعتداءات الحوثية المتكررة على أبناء البيضاء والتي كان آخرها الاعتداء على إحدى النساء وقتلها امام اهلها وفي منزلها نهارا جهارا".

وأضاف عيدروس النقيب: "كان الفقيد قد دعا للاحتشاد لمواجهة هذا السلوك العدواني والدموي لجماعة الحوثي من خلال ما يعرف بالنكف القبلي، وقد نجح في تكوين مقاومة قبلية قوية في منطقته والمناطق المجاورة لكن القوات الحكومية قد خذلت أبناء البيضاء وفي مقدمتهم آل عواض كما خذلت العديد من المناطق التي قاومت المشروع الحوثي".

وقال "ينتابني حزن عميق لوفاة هذا الزميل الذي كان مملوءًا بالأمل والحماس والرجولة مهما كانت نقاط الاختلاف والتباين معه".

واعتبرت الناشطة السياسية نورا الجروي الفقيد ياسر العواضي "معتصم زمانه" في إشارة إلى موقفه من قتل مليشيا الحوثي للسيدة جهاد الإصبحي، وقالت في تغريدة لها على (تويتر): "وعلى مثلك فلتحزن كل نساء اليمن فأنت حقا معتصم زمانك"، منوهة إلى أن الفقيد سجّل اسمه في أعلى مراتب الشرف "فهنيئا لك مواقفك المشرفة، وهنيئا لك حتى الوجع والخذلان الذي عشته من أجل كلمة حق وموقف رجوله سجّلته في زمن الانبطاح والذل والهوان".


يجمع زملاء وأصدقاء وحتى خصوم الفقيد ياسر العواضي على شجاعته ورجولته وأنه فرض له مكانة بين الكبار رغم ضغر سنة، وما تحلى به من ذكاء ونباهة وخوضه المبكر للعملية السياسية والقبلية بشرف وإنصاف وإنسانية وسعة صدر، معتبرين رحيله في هذا الظرف خسارة وطنية فادحة لما كان يتمتع به من مقدرة على الإسهام في إخراج البلاد من حالة التشظي والاحتراب إلى بر الأمان.