قرداحي يفجر أزمة.. ثلاث دول خليجية تطرد سفراء لبنان وتستدعي سفراءها

العالم - Saturday 30 October 2021 الساعة 04:55 pm
نيوزيمن، وكالات:

تسبب الخلاف الناتج عن التصريحات التي أدلى بها وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، بشأن التدخل العسكري الذي تقوده السعودي لدعم الشرعية في اليمن في أزمة جديدة للحكومة اللبنانية، خصوصا بعد رفضه الاعتذار أو الاستقاله.

فقد استدعت السعودية، الجمعة، سفيرها لدى بيروت وطلبت من السفير اللبناني مغادرة الرياض وقررت وقف كل الواردات اللبنانية إليها بعد تصريحات لوزير لبناني تناولت حرب اليمن واعتبرتها "مسيئة"، في توتر إضافي للعلاقات بين الرياض وبيروت.

كما أقدمت مملكة البحرين والكويت على خطوة مماثلة.

وكان وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي اعتبر في مقابلة تلفزيونية بثت، الاثنين، وأجريت قبل توليه حقيبة الإعلام في الحكومة اللبنانية في سبتمبر، أنّ المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران "يدافعون عن أنفسهم.. في وجه اعتداء خارجي" من التحالف الذي تقوده السعودية لدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في مواجهة الانقلابين الحوثيين المدعومين من إيران.

وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان، مساء الجمعة، إن المملكة قررت أن "تستدعي السفير في لبنان للتشاور ومغادرة سفير لبنان لدى المملكة خلال الـ48 ساعة القادمة".

كما قررت "وقف كافة الواردات اللبنانية إلى المملكة" بغرض "حماية أمن المملكة وشعبها".

وجاء في البيان، إن حكومة المملكة "تأسف لما آلت إليه العلاقات مع الجمهورية اللبنانية بسبب تجاهل السلطات اللبنانية للحقائق واستمرارها في عدم اتخاذ الإجراءات التصحيحية التي تكفل مراعاة العلاقات التي طالما حرصت المملكة عليها".. مذكرة بأنه وكما هو مشاهد فإن حزب الله يقوم بتوفير الدعم والتدريب لميليشيا الحوثي الإرهابية.

وفي وقت لاحق، قالت وزارة الخارجية البحرينية في بيان، إنها "طلبت من سفير الجمهورية اللبنانية لدى مملكة البحرين مغادرة أراضي المملكة خلال الـ48 ساعة القادمة، وذلك على خلفية سلسلة التصريحات والمواقف المرفوضة والمسيئة التي صدرت عن مسؤولين لبنانيين في الآونة الأخيرة".

وأكدت الوزارة أن "هذا القرار لا يمس بالأشقاء اللبنانيين المقيمين في المملكة".

بينما قالت الخارجية الكويتية في بيان، السبت، إن الكويت طلبت من القائم بأعمال السفارة اللبنانية مغادرة البلاد خلال 48 ساعة، كما استدعت سفيرها في بيروت للتشاور احتجاجا على تصريحات لوزير الإعلام اللبناني عن التدخل العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن.

وفي بيروت، أبدى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أسفه لقرار السعودية، متمنياً على المملكة إعادة النظر بقرارها.

وقال ميقاتي في بيان، "نأسف بالغ الأسف لقرار المملكة، ونتمنى أن تعيد قيادة المملكة بحكمتها النظر فيه".

 وأضاف "نحن من جهتنا سنواصل العمل بكل جهد ومثابرة لإصلاح الشوائب المشكو منها ومعالجة ما يجب معالجته".

وفي بيان آخر ليل الجمعة، أعلن ميقاتي أنه تشاور مع رئيس الجمهورية ميشال عون في المستجدات، ثم اتصل بقرداحي "وطلب منه تقدير المصلحة الوطنية واتخاذ القرار المناسب لإعادة إصلاح علاقات لبنان العربية".. دون دعوته للاستقاله.

وإذا استقال قرداحي، فقد يحذو حذوه وزراء تدعمهم جماعة حزب الله وحليفتها حركة أمل الشيعية، وذلك في وقت تواجه الحكومة خلاله أزمة بالفعل بسبب التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في أغسطس آب 2020.

ولم يصدر أي تعليق من قرداحي بعد.

وعلى صعيد متصل عقدت مجموعة من الوزراء اللبنانيين اجتماع أزمة، ظهر السبت، لمناقشة الخلاف الدبلوماسي المتصاعد مع السعودية ودول الخليج.

وقال متحدث باسم السفارة الأمريكية في بيروت، إن ريتشارد مايكلز نائب رئيس البعثة الأمريكية في لبنان حضر الاجتماع، وامتنع عن ذكر المزيد من التفاصيل.

 الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أعرب من جانبه، السبت، عن بالغ قلقه وأسفه للتدهور السريع في العلاقات اللبنانية الخليجية.

وقال مصدر مسؤول بالأمانة العامة للجامعة، إن الأزمة، التي تسببت فيها تصريحات سابقة لوزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، وما تلاها من أحداث ومواقف، كان يتعين أن تعالج لبنانيا بشكل ينزع فتيلها، ولا يذكي نارها على نحو ما حدث، وأوصل الأمور إلى انتكاسة كبيرة في علاقات لبنان بمحيطه العربي عموما والخليجي خصوصا.

وأضاف إن الأمين العام لجامعة الدول العربية "لديه ثقة في حكمة وقدرة الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي على السعي السريع من أجل اتخاذ الخطوات الضرورية التي يمكن أن تضع حدا لتدهور تلك العلاقات، ويسهم في تهدئة الأجواء ورأب الصدع الذي تسببت فيه مواقف لأطراف ترغب ولديها مصلحة في تفكيك عرى الأخوة التي تربط لبنان وشعبه العربي بأشقائه في الخليج والدول العربية".

ويسود فتور بين السلطات اللبنانية والمملكة العربية السعودية منذ سنوات، في ظل اتهام الرياض المسؤولين اللبنانيين بعدم التصدي لحزب الله، بعد أن كانت السعودية من أبرز داعمي لبنان سياسيا وماليا، قبل أن يتراجع دعمها تدريجياً، امتعاضاً من دور حزب الله المدعوم من إيران.

وقالت الباحثة المتخصصة بالشأن اللبناني بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة رابحة سيف علام لفرانس برس، إنّ "الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي لم تتخذ موقفا قويا لتهدئة الغضب السعودي".

وتابعت، "تصريحات قرداحي ليس لها أي ثقل، ولكن هي مسمار جحا الذي ستستغله الرياض للتنصل من الملف اللبناني".

وأشارت إلى أن "التوتر قائم منذ فترة طويلة"، إذ تعتبر الرياض لبنان "مسرحا أساسيا للنفوذ الإيراني، خصوصا مع النفوذ البارز لحزب الله في مجريات السياسة في بيروت".

وصنّفت رئاسة أمن الدولة في السعودية، الأربعاء، جمعية القرض الحسن اللبنانية "كياناً إرهابياً، لارتباطها بأنشطة داعمة لتنظيم حزب الله الإرهابي".

وقالت إن الجمعية "تعمل على إدارة أموال لتنظيم حزب الله الإرهابي وتمويله بما في ذلك دعم الأغراض العسكرية".

وقال قرداحي في برنامج "برلمان الشعب" الذي يذاع على موقع "يوتيوب"، في إشارة إلى الحوثيين، "منازلهم وقراهم وجنازاتهم وأفراحهم تتعرض للقصف بالطائرات" التابعة للتحالف الذي تقوده السعودية.

واعتبرت الخارجية السعودية، الأربعاء، هذه التصريحات "تحيزاً واضحاً لميليشيا الحوثي الإرهابية المهددة لأمن واستقرار المنطقة".

وأعربت الحكومة اللبنانية في بيان، الأربعاء، عن "رفضها" تصريحات قرداحي، مشيرة إلى أنه "لا يعبر عن موقف الحكومة إطلاقا".

لكنّ قرداحي رفض، الأربعاء، "الاعتذار" عن "آرائه الشخصية". وقال "أنا لم أخطئ في حق أحد. ولم أتهجم على أحد.. فلمَ أعتذر؟".

في مايو، طلب وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية آنذاك شربل وهبة إعفاءه من منصبه، بعدما أثارت تصريحات أدلى بها أزمة دبلوماسية مع السعودية ودول خليجية أخرى.

وفي تعليقهم على الخطوة السعودية، كتب المتحدث باسم جماعة الحوثي -الذراع الإيرانية في اليمن- محمد عبد السلام على تويتر، "نقول لشعب لبنان الشقيق لا يروعنك ما يفعله النظام السعودي"، فيما حذر القيادي في مليشيا الانقلاب محمد علي الحوثي من منع المنتجات السعودية من دخول أراضي المتمردين في حال مضت الرياض بقرارها مقاطعة المنتجات اللبنانية.