صحفي عراقي عن تصعيد الحوثي ضد المبادرة السعودية: حرب طهران في اليمن تحمي موقفها في سوريا

السياسية - Tuesday 06 April 2021 الساعة 10:10 pm
نيوزيمن، كتب/ حيدر الصراف:

مبادرة السلام السعودية الأخيرة في وضع حد للحرب الأهلية في اليمن جوبهت بتصعيد عسكري يمني حوثي تمثل في زيادة الهجمات بالطائرات المسيرة والملغومة والصواريخ البعيدة المدى على الأراضي السعودية، وهذا الأمر قد يكون مفهوما في زيادة الضغط الحوثي ما يؤدي إلى زيادة في المطالب والشروط، وهو لا يأتي من موقع قوة الحوثيين وحدهم، إنما هناك أياد إيرانية واضحة في هذا (التمنع) الحوثي الظاهري من مبادرة السلام السعودية في ربط مسار الحل السلمي في اليمن ووقف الحرب الأهلية هناك مع إجراء مفاوضات بين الأطراف اليمنية المتنازعة ما يؤدي إلى الحوار والتفاهم على صيغة مقبولة في توزيع السلطات والمناصب الحكومية في اليمن مع المسار السياسي في سوريا والضغط على دول الخليج العربية وفي المقدمة السعودية على إعادة العلاقات مع الحكومة السورية واعادتها إلى الصف العربي.

بداية الحل في اليمن كانت مبادرة الإدارة الأمريكية الجديدة (بايدن) في رفع (الحوثيين) عن قائمة الجماعات الإرهابية، وهذا يعني ان بالإمكان إجراء محادثات ومباحثات مباشرة مع جماعة (سياسية) مقاتلة لكنها ليست بإرهابية وكانت هذه الإشارة كافية للحكومة السعودية التي بادرت في إطلاق مبادرة السلام تلك بعد أن تأكدت الأطراف المتنازعة في اليمن وداعموهم (إيران) بالنسبة إلى الحوثيين والسعودية بالنسبة إلى الحكومة الشرعية أن لا منتصر ولا مهزوم في هذه الحرب الطويلة والمدمرة وأن لا بد من الطاولة المستديرة للحوار والتي سوف يجلس حولها جميع المتخاصمين.

التواجد الإيراني في اليمن واضح وعلني في دعم التمرد الحوثي على الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها امميا، وكذلك كان الوجود الإيراني في دعم الحكومة الشرعية في سوريا والمعترف بها امميا، في حين كان الموقف السعودي مطابقا تماما للموقف الإيراني، ولكن في عكس الاتجاهات، حيث دعمت وساندت السعودية الحكومة الشرعية في اليمن في مواجهة التمرد الحوثي، في حين دعمت جماعات التمرد السوري في مواجهة الحكومة السورية الشرعية، وهكذا هي السياسة في الكيل بعدة مكاييل والنظر بعدة اتجاهات في المرة الواحدة بما يخدم مصالح تلك الدول وغاياتها، وهذا الأمر متفق عليه عند أهل السياسة.

بعد حقبة الرئيس الأمريكي السابق (ترامب) العدوانية والصبيانية في التعامل مع المشاكل العالمية كان لا بد من التهدئة فكانت إدارة الرئيس الأمريكي الجديد (بايدن) في التعامل الحذر وبالأخص مع دول الشرق الأوسط وتمثل ذلك في اعادة الحوار مع الجانب الإيراني والتلميح إلى امكانية رفع العقوبات والحصار الاقتصادي عن ايران في مقابل العودة إلى الاتفاق النووي الذي تخلى عنه (ترامب) في اشارة واضحة للايرانيين في امكانية التفاهم من بوابة (البرنامج النووي) الإيراني في حل المعضلات والمشاكل في دول الإقليم والتي تكون فيها (ايران) طرفا فاعلا ومؤثرا، كما هو الأمر في اليمن وسوريا.

كانت الحرب الأهلية في اليمن والتي كان الحوثيون هم من بدأ تلك الحرب بالسيطرة على العاصمة (صنعاء) ومن ثم اندلعت تلك الحرب الأهلية والتي لا تخلو من اليد الإيرانية والتي حاولت من خلالها تخفيف الضغط على قوات الحكومة السورية المنهمكة في قتال الفصائل المتمردة من خلال تهديد السعودية المباشر ومن الخاصرة اليمنية ومن الواضح في تشابك الأوضاع في الساحتين السورية واليمنية في عدم تزويد السعودية وقطر للفصائل السورية المسلحة بصواريخ مضادة للطائرات في مقابل أن تمتنع إيران عن تزويد الحوثيين بصواريخ مماثلة وكذلك فإن أي تصعيد عسكري في الساحة السورية يقابله تصعيد في الساحة اليمنية والعكس صحيح أيضا، في رسائل متبادلة بين ضفتي الخليج العربي.

إعادة الأمن والاستقرار لدول المنطقة لا يمكن ان يستقيم ويتحقق الا بإطفاء بؤر التوتر والمنازعات، ومن اهم تلك المخاطر التي تعصف بالمنطقة ودولها وشعوبها هي الحرب الأهلية في اليمن وكذلك الحرب في سوريا وليس ممكنا التوصل إلى حل لهاتين المشكلتين الا بالحوار مع الأطراف المتنازعة وكذلك القوى التي تقف خلف تلك الأطراف المتصارعة وتساندها.. في اليمن هناك ايران وهي الداعم الرئيسي للحوثيين، وهناك السعودية والإمارات واللتان تدعمان الحكومة الشرعية اليمنية، وكذلك في سوريا فإن مباحثات السلام هناك يجب ان تكون مع السعودية وقطر اللتين تقدمان الدعم والاسناد للفصائل المتمردة وكذلك لا يمكن التغاضي عن روسيا وايران الداعمتين الرئيستين للحكومة السورية الشرعية.


* العنوان الأصلي للمقال: عنب اليمن وبلح الشام في سلة واحدة

نشر في موسوعة “هذا اليوم” نقلا عن مدونة الكاتب