الشرعية صنم يأكله هادي والإصلاح ويستفيد الحوثي.. هكذا أسقطوا التعددية وعطلوا العمل السياسي

تقارير - Thursday 01 April 2021 الساعة 10:06 pm
المخا، نيوزيمن، خاص:

شكل وصول الرئيس هادي إلى الرئاسة كخيار توافقي فرضه الخارج تحولاً انقلابياً في مسار العمل السياسي في اليمن، حيث استثمر هادي الدعم الدولي الذي حصل عليه ليختزل المشهد في فريقين فقط: الأول، حزب الإصلاح وقيادات أحزاب المشترك. والطرف الثاني، علي عبد الله صالح ومن يقف إلى جانبه من قيادات المؤتمر الشعبي العام 

صالح ومن معه صنفهم هادي كخصوم وبدأ استقطاب قيادات مؤتمرية إلى جانبه، وبذلك أعطب العمل السياسي في البلاد وحوله إلى إدارة للسلطة من قبله وفريقه الذين تزعمهم الإصلاح واستخدم هادي الوظيفة العامة والإغراءات المالية كسلاح لخلق واقع شمولي أعطب روح العمل السياسي التي كانت راكمت خطابا وهامشا إيجابيا خلال المراحل السابقة.

حكم هادي وفريقه والإصلاح وتفردوا بالسلطة وقرارها بينما كان مجرد الاعتراض عليهم من قبل الطرف الآخر الذي يمثله صالح والمؤتمر يصنف كتعطيل للعملية السياسية ونقل السلطة ليرتفع صوت الخارج والإقليم مساندا لهذا الخطاب الإقصائي الشمولي.

وحين اجتياح الحوثيين صنعاء كان هادي قد عمل معهم فترة مهمة وحاول استمالتهم ليشكلوا بديلا لجناح حزب المؤتمر الذي يقوده صالح وكذلك لابتزاز الإصلاح بهم كلما دعته الحاجة لذلك.

وشكلت هذه الفترة البنية التحتية لرؤية هادي في التعاطي مع العمل السياسي، حيث واصل نهجه الإقصائي واحتكار الشرعية في من يتحركون في فلكه، بينما كل صوت يخرج عن هذا الفريق الذي يقوده هادي يصبح عرضه للاتهام والتشكيك وربما العقوبات أيضا.

تفرد هادي بالقرار العسكري ومعه الجنرال علي محسن الأحمر وحزب الإصلاح وانتهى صوت مؤسسات الشرعية الدستورية مع إعلان قرار إزاحة خالد بحاح من منصب نائب رئيس الجمهورية وعدم تفعيل دور البرلمان والذي يعتبره هادي منازعا له في الصلاحيات بموجب المبادرة الخليجية التي تعد إحدى مرجعيات ديباجة القرار الرئاسي حتى اليوم.

في المقابل كان العمل السياسي قد تم اختزاله في مجموعة صغيرة تحيط بهادي ومعهم حزب الإصلاح وإدارة الدولة منحت لمكتب الرئاسة ودور ديكوري لوزير الخارجية ولجان الحوار مع مليشيات الحوثي حين تستدعي الحاجة لذلك.

حصر هادي أمناء عموم الأحزاب في هيئة استشارية له كرئيس للجمهوريه وباستثناء أمين عام الناصري الذي كان قد ظفر بالمنصب قبله وزير الخارجيه والأمين العام السابق عبد الملك المخلافي وكذلك الأمين العام السابق سلطان العتواني.

أحال هادي قادة العمل السياسي إلى موظفين بمهام استشارية شكليه ضمن سياسة الاحتواء التي يمارسها بينما رموز العمل السياسي والنخب التي خارج دائرة هادي يتم التعامل معها كقوى معادية للشرعية وأي نشاط لها يصنف ضد الشرعية.

واحتكر هادي وفريقه والإصلاح تمثيل الشرعية وفي المقابل على كل القوى والمكونات أن تدين بالولاء لهادي ونائبه علي محسن إن هي أرادت أن تخرج من دائرة التصنيف بمعاداة الشرعية بينما الاعتراف بالشرعية من وجهة نظر هادي وفريقه يعني الانكماش داخل جلباب هادي والتخلي عن أي نشاط أو اعتراض على أداء.

ما يفعله هادي كطرف يحتكر تمثيل الشرعية يقابله الحوثيون في صنعاء بتأميم أي عمل سياسي أو نشاط من شأنه خلق صوت أو خطاب يختلف عن منطقهم الشمولي ممارسه وادعاءً لأحقية إدارة السلطة والحرب معا وما دونهما قوى هامشية تبارك قسرا هذا التفرد والإقصاء للآخرين.

أنجز هادي بهذه الرؤية الإدارة الضيقة الكثير من الفشل عسكريا وسياسيا وحتى على مستوى أداء وظائف الدولة التي تتأثر بفساد قياداتها وعبثيتهم بالمشهد العام سياسيا وعسكريا.

الشرعية هي الطرف النقيض للانقلاب وللمليشيات الحوثية وكل مكون أو فصيل يواجه مليشيات الحوثي هو في صف الشرعية الوطنية والدستورية ومن غير المنطقي احتكار الحصول إلى الانتماء للشرعية عبر وصفة أو قبول من هادي لأن هادي جاء كرئيس توافقي لكل القوى السياسية وبقاؤه فرضته تطورات الحرب والانقلاب وليس مشروعيته كرئيس منتخب.

هل القبول بالهزائم المتتالية في مأرب والجوف والانقياد لمخرجات تحالف هادي والإصلاح هو الشرعية وهل إيقاف تحرير الحديدة بالتصديق على اتفاق قاتل وفي لحظة مفصلية من عمر المعركة وحماية الحوثيين من الهزيمة بهذا الاتفاق هو الشرعية.

نسبة المؤطرين ضمن تحالف هادي والإصلاح لا تعادل 30 % من مجموع المكونات والقوى الفاعلة في البلاد والاستمرار في هذا الارتهان لقرار هادي ومزاجه وعبثه ولسيطرة الإصلاح على الشرعية وإستخدامها كسلاح ضد الخصوم السياسيين والمنافسين عسكريا هو استمرار في شرعنة الهزيمة والفساد والفوضى ومنح الحوثيين مزيدا من المكاسب عسكريا وسياسيا.

انكفأت نشاطات الأحزاب السياسية العريقة كأحزاب اليسار ليقتصر عملها في نطاق محافظة تعز ولا يزال هذا النشاط محفوفا بالكثير من المخاطر والتهديدات والضغوط من مكون سياسي هو حزب الإصلاح يستخدم الشرعية كعصا ضد بقية الأحزاب.

بأي حق يعترض الإصلاح في تعز على الخطاب السياسي والإعلامي للناصريين والاشتراكيين على سبيل المثال.. وبأي حق يمنع الإصلاح حزب المؤتمر المحسوب على هادي نفسه من تنظيم فعالية سياسية دون أن تتحرك الشرعية التي يمثلها هادي لفرض قرارها ضد هذا الحزب الذي يصادر هذا القرار.

العمل السياسي لم يكن يوما حكرا على حزب أو تحالف أحزاب بل هو حق مكفول للمكونات والنخب والجماعات والأحزاب وحتى للأفراد واستمرار الحرب لا يمنح أي حزب التسلط باسم الشرعية على بقية المكونات أو الأحزاب بل إن إصلاح إدارة الحرب وتصويب مسارها يبدأ من ميدان السياسة ولا يسقط من رأس الهرم المتسلط على الجميع.

يساوم رشاد العليمي أحزاب التحالف الوطني بالموازنات التشغيلية التي هي استحقاق لكل الأحزاب وليست مكرمة من هادي أو من رشاد العليمي، غير أن العليمي رشاد والعليمي عبد الله مدير مكتب هادي يساومان الأحزاب بهذه الموازنات لإصدار مواقف وبيانات توافق رؤية هادي وفريقه من كثير من القضايا.

اليوم الساحة مشرعة أمام فراغ ساهم في تكلس أداء الشرعية وعدم تعرضها حتى للضغوط لتجويد دورها وأدائها ويتوجب على كل المكونات السياسية داخل الشرعية أن تدفع باتجاه إصلاح سياسي داخل بنية الشرعية وفتح خطوط ونسج تحالفات مع مكونات خارج الدائرة الضيقة للشرعية لإشراك أكبر قدر من القوى الفاعلة ضمن تيار عريض ينتزع حق تمثيل الناس وتبني رؤيتهم وقضاياهم.

وخارج دائرة الشرعية أيضا حان الوقت لتؤطر القوى والمكونات الفاعلة ذاتها ضمن هياكل وأطر سياسية لتمثل روافد لتحالف سياسي هادر ينازع الشرعية المختزلة بفريق هادي والإصلاح أحقية الحضور والتمثيل السياسي والمشاركة في صناعة الحدث والقرار.

على الجميع مغادرة نفق العجز ورهاب الخارج ومخاوف غضب التحالف لأن مصير الأوطان تصنعها قرارات شجاعة وتقديرات غير مترددة وكل يوم يمضي يجعل المشهد أكثر تعقيدا بنهب هادي وعبد الملك الحوثي لحق اليمنيين في تقرير مصيرهم وخياراتهم.

الوقت متاح لصناعة زخم سياسي يملأ الفراغ القائم في الساحة اليمنية والوصول إلى تحالف تيارات تتجاوز الجغرافيا والأحزاب وخلق لحظة فارقة في المشهد تعيد التوازن وتنهي الاختلال القائم منذ نحو عقد من الزمان حين بدأ هادي وحزب الإصلاح تسيد المشد بتحالفهما المستبد.