تهديد برلمانيي صنعاء لإقرار تعديلات قانون المرافعات.. ذراع إيران ومعاركها ضد التحديث القانوني

تقارير - Wednesday 23 December 2020 الساعة 07:00 am
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

تواصل مليشيات الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، خططها الهادفة إلى فرض السيطرة المطلقة على السلطة القضائية في العاصمة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتها بشتى الوسائل والسبل، وبما يمكنها من تحويل هذه السلطة إلى أداة جديدة في ترسيخ فكرها ومنهجها المذهبي العنصري، وإسقاط قواعد التحديث القانوني التي أحدثتها الجمهورية اليمنية.

وأسهم الفشل الذريع لحكومة الشرعية بقيادة الرئيس هادي المتواجد في العاصمة السعودية الرياض مع حكومته في عدم اتخاذ أي إجراءات من شأنها نزع المبررات أمام المليشيات الحوثية لاستخدام السلطة القضائية لصالح مشروعها، وتأخر الإجراءات والقرارات الخاصة بالسلطة القضائية من قبل هادي إلى ما بعد بدء المليشيات في عقد محاكمات لهادي وكل المسؤولين المؤيدين له في المحاكم بتهم الخيانة العظمى، ساهم ذلك في قدرة المليشيات على التعامل مع هذه السلطة كأحد الأدوات التي تعكس ولو بشكل ظاهري أنهم يديرون دولة لها مؤسسات حيث سارعوا إلى إحداث تغييرات كثيرة على السلطة القضائية قبل أن يعمدوا إلى استخدامها كأداة لمحاكمة خصومهم وإصدار الأحكام بحقهم.

الجديد في الحوثنة... تعديلات القوانين

يواصل مجلس النواب الخاضع لسيطرة المليشيات الحوثية مناقشة التعديلات المقدمة من وزارة العدل ومجلس القضاء اللذين تديرهما المليشيات بشأن مواد مشروع قانون لسنة 2020م بتعديل بعض مواد القانون رقم (40) لسنة 2002م بشأن المرافعات والتنفيذ المدني وتعديلاته بالقانون رقم (2) لسنة 2010م.

وكان المجلس أقر بعض التعديلات على بعض المواد في القانون، لكن خلافات نشبت بين الأعضاء حول التعديلات على بقية المواد التي قدمت عليها تعديلات.

وقالت مصادر برلمانية لنيوزيمن: إن القيادي في المليشيات الحوثية محمد علي الحوثي والذي يشغل منصب عضو المجلس السياسي الأعلى ورئيس ما تسمى بالمنظومة العدلية يمارس ضغوطا كبيرة على رئيس مجلس النواب في صنعاء الشيخ يحيى الراعي ورؤساء اللجان البرلمانية وكتلة المؤتمر الشعبي العام لإقرار بقية تعديلات قانون المرافعات مطلع الاسبوع القادم بعد تأخر اقرارها بفعل رفض بعض النواب لها.

وحسب المصادر فإن القيادي محمد علي الحوثي كان زار مجلس النواب مطلع الأسبوع، وتحدث إلى اعضائه بشكل لم يعلن عنه إلى انه كان يتوقع ان لا يستغرق اقرار التعديلات على قانون المرافعات سوى خمس دقائق لكنه تفاجأ بسعي بعض النواب لتطويل المناقشات التي لا داعي لها حول التعديلات على القانون.

وحسب المصادر فإن القيادي محمد علي الحوثي الذي تطلق عليه المليشيات صفة رئيس المنظومة العدلية لم يكتف باستغلال نفوذه بالضغط على البرلمانيين في صنعاء فحسب، بل انه عمد إلى تهديد بعض البرلمانيين الذين يتخذون موقفا معارضا للتعديلات المقدمة إلى البرلمان بشأن قانون المرافعات.

ووفقا للمصادر فإن بعض النواب يرفضون حتى الان اقرار بقية التعديلات المقدمة من المليشيات الحوثية، مشيرين إلى ان هذه التعديلات صيغت بعيدا عن أي تشاور مع المؤسسات القضائية والمؤسسات ذات الصلة بالعمل القضائي ومنها نقابة المحامين والتي اصدرت بيانا تدين وترفض فيه هذه التعديلات وتعتبرها تعديلات شطرية.


نقابة المحامين ترفض تعديلات قانونية (حوثية) شطرية 

 

فرض مشرف حوثي على السلطة القضائية 

وفي إطار مساعيها لحوثنة السلطة القضائية ابتدعت المليشيات ما تسمى بالمنظومة العدلية في اطار ما تسميها الرؤية الوطنية لبناء الدولة حيث عين القيادي في المليشيات محمد علي الحوثي رئيسا لهذه المنظومة التي تم تفصيلها لتطويق السلطة القضائية من خلال اضافة مسؤولين جدد اليها منهم وزير الداخلية اللواء عبدالكريم الحوثي عم زعيم المليشيات، ورئيس جهاز الأمن والمخابرات في سلطة المليشيات اللواء عبدالحكيم الخيواني ورئيس الوحدة الفنية للرؤية الوطنية للسلطة القضائية القاضي عبدالوهاب المحبشي والمعين من قبل المليشيات.

مصادر قضائية وصفت تعيين المليشيات لمحمد علي الحوثي رئيسا للمنظومة العدلية كما تسميها بتحويله إلى مشرف حوثي على السلطة القضائية مثله مثل غيره من المشرفين الحوثيين على بقية مؤسسات الدولة والذين باتوا هم من يتخذون القرارات ويديرون المؤسسات وفقا لتوجهات ورغبات ومصالح المليشيات وبعيدا حتى عن المسؤولين المعينين في هذه المؤسسات بقرارات وبحيث اصبح وضع الاخيرين مسؤولي ديكور فقط.

وكان القيادي في المليشيات محمد علي الحوثي دشن عهد اشرافه على السلطة القضائية من خلال تبنيه واشرافه على اجراءات استهدفت قطاع الامناء الشرعيين وبشكل يهدف إلى استكمال حوثنة هذا القطاع وتحويله إلى اداة جديدة تمكن المليشيات من السيطرة على موضوع الجبايات المالية من جهة ومن جهة اخرى تسهيل مهمة البسط والسيطرة على الأراضي لصالح قيادات المليشيات.

مواضيع مرتبطة 

المليشيات الحوثية والأمناء الشرعيون.. استكمال لحوثنة القضاء وتسهيل لنهب الأراضي والأموال


حوثنة القضاء بالتعيينات المعلنة وغير المعلنة 

ومنذ سيطرة المليشيات على مؤسسات الدولة في سبتمبر 2014م والسلطة القضائية تتعرض لعملية تجريف وحوثنة ممهنجة ومتواصلة من خلال تعمد المليشيات اقالة الكثير من المسؤولين في السلطة القضائية والمؤسسات التابعة لها وتعيين مسؤولين جدد من المنتمين لها أو التابعين والمنفذين لتوجيهاتها.

وشملت عملية الحوثنة تعيين قضاة حوثيين جدد في المجلس الاعلى للقضاء، والمحكمة العليا، ووزارة العدل، ومحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية والمحاكم المتخصصة، والنائب العام والنيابات العامة الابتدائية والاستئنافية، والمحاكم التجارية، ومحاكم الاموال العامة، والمحاكم الإدارية، وكافة المؤسسات المرتبطة بالسلطة القضائية.

ومنذ سيطرة المليشيات على مؤسسات الدولة صدرت مئات القرارات بتعيينات في المؤسسات القضائية بدءاً من قرارات ما كانت تسمى باللجنة الثورية العليا ثم قرارات ما يسمى برئيس المجلس السياسي الاعلى، حيث تزايدت عملية اصدار قرارات تعيين لمئات القضاة في مختلف المؤسسات القضائية عقب انتفاضة الثاني من ديسمبر وانفراد المليشيات بإدارة مختلف مؤسسات الدولة بعيدا عن الشراكة مع المؤتمر الشعبي العام.

وخلال العام الجاري أصدر القيادي الحوثي مهدي المشاط مئات القرارات القاضية بتعيين كوادر وقيادات ومسؤولين وقضاة منتمين للمليشيات أو تابعين لها في كثير من المؤسسات القضائية منها مجلس القضاء الاعلى والمحكمة العليا وهيئة التفتيش القضائي ومحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية، وبعض تلك القرارات كانت تعلن رسميا، فيما كثير من القرارات لم يتم الاعلان عنها.

مواضيع مرتبطة 

آخرها القضاء.. المليشيا تواصل حوثنة مؤسسات الدولة بقرارات تعيين غير معلنة

استخدام القضاء لتحقيق أهداف المليشيات وضد الخصوم


 

ولم تكن سيطرة المليشيات الحوثية على السلطة القضائية لمجرد تعيين القيادات المنتمية والتابعة لها في مؤسسات هذه السلطة فحسب، بل كان الهدف هو تحويل هذه السلطة إلى أداة أخرى تستخدمها المليشيات لتحقيق اهدافها وتنفيذ مشروعها المذهبي والعنصري.

وكدليل على ذلك فقد عقدت ولا تزال المليشيات عشرات المحاكمات القضائية وأصدرت احكاما بالإعدام على معظم ان لم يكن كل مسؤولي الدولة في الشرعية بدءاً من رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي وكل القيادات المؤيدة للشرعية ومرورا بالقيادات السياسية والإعلامية، وانتهاء بكل القيادات المعارضة للمليشيات والذين يتم اعتقالهم من قبل المليشيات وتوجيه اتهامات لهم بتسريب معلومات واحداثيات لما يسمونه "العدوان" وإصدار أحكام الإعدام بحقهم.

وتؤكد الشواهد أن المليشيات لن تتورع عن استخدام السلطة القضائية في خدمة مصالحها بأي شكل كان، وما اقدامها على الإفراج عن المتهمين الرئيسين الخمسة بجريمة تفجير جامع دار الرئاسة الإرهابية والتي استهدفت رئيس الجمهورية السابق علي عبدالله صالح وكبار قيادات الدولة في يونيو 2011م ومبادلتهم بأسرى من مقاتلي المليشيات في صفقة تم التنسيق والتفاهم بشأنها مع قيادات الإخوان المسلمين في اليمن (حزب الإصلاح) الذي ينتمي إليه أولئك المتهمون، رغم أن القضية التي يحاكمون فيها منظورة أمام القضاء- إلا دليل على أن المليشيات تستخدم هذه السلطة بما يخدم أجندتها.

جدير بالذكر أن السلطة القضائية ليست سوى إحدى سلطات الدولة التي استولى عليها الحوثيون وقاموا باتخاذ إجراءات هادفة إلى السيطرة المطلقة عليها بقياداتهم وعناصرهم وصولاً إلى استخدامها بما يحقق أهدافهم ويسهم في تنفيذ مشروعهم الأيديولوجي المذهبي العنصري.