بمساحة نصف ملعب.. "جزيرة السلحفاة العائمة" تثير مطامع دولتين

العالم - Tuesday 10 November 2020 الساعة 08:15 am
نيوزيمن، متابعات:

صخرة مستديرة مزدحمة بالأكواخ المعدنية ترتفع من مياه بحيرة فيكتوريا كسلحفاة مطلية بالحديد على الحدود بين كينيا وأوغندا، وتغطي مساحتها أقل من نصف ملعب لكرة القدم، لكن أكثر من 500 شخص يعيشون في جزيرة الصيد الإفريقية الصغيرة التي تحيطها قوارب خشبية بحيث تبدو غير ذي قيمة.

إنها جزيرة ميجينجو الصغيرة جدًا، بما فيها من أكواخ سيئة البناء وميناء صغير وبعض الحانات وبيت للدعارة وكازينو في الهواء الطلق، ومع ذلك، تبقى الجزيرة منذ أكثر من 10 سنوات محل نزاع بين أوغندا وكينيا اللتين لم يتمكنا من تحديد الجهة التي تنتمي إليها الجزيرة الصغيرة، فكل منهما يدَّعي ملكيتها. 

الصيادون يتنازعون على أسماك البرمون النيلي من مياه جزيرة ميجينجووبعد مرور 30 عامًا، وجدوا سمكة كبيرة الحجم بلغت مترين طولاً و200 كيلوغرام من الوزن، وخلال هذه الفترة استطاع المستكشفون أن يُخرجوا نحو 250 سمكة من هذا النوع وأنواع أخرى تميزت بالحجم الكبير، معظمهم له أصل من الأسماك التي تعيش في بحيرة فيكتوريا.ومع مرور الوقت تزايدت أعداد الأسماك وحجمها بشكل لافت للانتباه، وبالتالي زادت حركة الصيد بهذه المنطقة، وكنتيجة لذلك، أُسس نحو 30 مصنعًا لصناعة الأسماك وتعليبها وتصديرها للخارج، وذلك في المناطق المحيطة بالجزيرة سواء في كينينا أم أوغندا أم تنزانيا، وتتخصص جميعها في تحضير الأسماك وتصديرها إلى البلاد الأوروبية.وبالنسبة للصيادين، لم يكن الأمر سهلاً لهذه الدرجة، لأنهم بالكاد يتقاضون عُشر المبلغ الذي تُباع به الأسماك في الخارج، ولكن بمقارنة هذا المبلغ بالعمل على الأرض، يجد الصيادون أن هذا المبلغ أفضل بكثير من أي عمل آخر.وتتزايد أعداد الصيادين كل عام بما بدأ يُخفَّض من كمية الأسماك بالمنطقة، ومنذ عام 2000 بدأت أعداد السمك تتضاءل، وأخذت مشكلات أخرى تتصاعد في الجزيرة، ولعل أبرز المشكلات التغير المناخي الذي شهدته المنطقة، الذي أثَّر على تساقط الأمطار وجعلها في تناقص مستمر، مما تسبب في انخفاض مستوى البحيرة بمقدار 130 سنتيمترًا خلال 4 أعوام.كما أثَّر ارتفاع درجات الحرارة بالمنطقة إلى تزايد أحجام الطحالب وانتشارها في البحيرة، التي في العادة لا تشكل جزءًا من غذاء الأسماك هناك، وإنما تؤثر بالسلب على حياة الأسماك، لأنها تمتص غاز الأكسجين، مما يزيد من نسبة كبريتيد الهيدروجين، الذي يتزايد باستمرار، ما يؤثر على حياة الأسماك في قاع البحيرة، لأنه يتسبب في تسميم عدد كبير منها، وبالتالي يؤدي إلى نفوقها حول الجزيرة، مما يجعل الصيادين ينتقلون بقواربهم لمسافات أبعد للعثور على أسماك صحية وسليمة.

تدخلت السلطات لحل النزاع بين دولة كينيا وأوغندا بشأن جزيرة ميجينجو فيورغم تضاؤل مخزون الأسماك بشكل حاد في أكبر البحيرات بإفريقيا، لا يزال يوجد بعض الأنواع المربحة بشكل متزايد مثل البرمون النيلي (البياض النيلي) التي لا تزال وفيرة في المياه العميقة المحيطة لبحيرة فيكتوريا التي تحيط بميجينجو، مما يجعل الجزيرة مركزًا ذو قيمة للصيد وفريدًا من نوعه من ناحية، ومحل تنافس بين الدولتين من ناحية أخرى.

توصل البلدان في عام 2016 إلى اتفاق على تشكيل لجنة مشتركة للبت في السيادة على الجزيرة، لكن هذه اللجنة لم تصدر حتى الآن أي تقرير

وبدأ الصيادون الكينيون يشكون من تعرضهم لمضايقات من جانب القوات الأوغندية التي تتهمهم بالصيد غير القانوني في المياه الأوغندية، ويصادرون منهم الأسماك والمعدات، فيما يقول الصيادون إنها مياه كينية، وفي حين أن المياه الضحلة - حيث تُولد الأسماك - أكثر على الجانب الكيني، فإن المياه العميقة حيث الأسماك أكثر على الجانب الأوغندي.ردًا على ذلك، أرسلت الحكومة الكينية قوات مشاة البحرية إلى ميجينجو في خطوة كادت أن تتسبب في حرب بين البلدين، وتجدد الخلاف مرة أخرى حين حاول ضباط الشرطة الكينية رفع العلم الكيني على الجزيرة لكن سكانها الأوغنديين احتجوا عليها، وسحبت قوات الأمن الأوغندية العلم على الرغم من اتفاق مبدئي للشرطة المشتركة، مما هدّد بإعادة نشوء نزاع جديد بين البلدين.ومع بدء التوسع في إنشاء المستوطنات البشرية على الجزيرة الصخرية، توصل البلدان عام 2016 إلى اتفاق على تشكيل لجنة مشتركة للبت في السيادة على الجزيرة، بالاعتماد على الخرائط والوثائق القديمة التي يرجع تاريخها إلى زمن الاحتلال البريطاني في عشرينيات القرن العشرين لكن هذه اللجنة لم تصدر حتى الآن أي تقرير.  

في هذه الأثناء، تُدار الجزيرة من كلا البلدين، ولكن التوترات تتصاعد في بعض الأحيان مع بعض الصيادين المحليين الذين يطلقون عليها "أصغر حرب في إفريقيا".